رحيل من محطة الفراق
رحيل من محطة الفراق
شِيَنْوَار ابْرَاهِيْم
الى/...بابا إبراهيم
أصوات ترتطم كأمواج بحر على شواطئ الذكريات...تشدني إلى أحضان رجل طويل القامة...وسيم الوجه... و بيديه الصغيرتين يداعب أنفه الطويل...كنت أسبح بين مرافئ عشق عينيه التي تحمل طيفا ازرق يشبه نقاء زرقة السماء ... لازلت اسمع قهقهات ضحكاته العالية....وهو يضمني إلى صدره بحنان و يرمي بي إلى الأعلى و يلتقطني بين أكتافه...أحس بحرارة فمه ...وخشونة ذقنه على وجهي...صوته لازال يرن في أذني كمقطوعة سيمفونيا تفوح بأنامل باخ لجمالها ...لفنان لم تلده السماء بعد....
وتمر عربات الزمان...و تبتعد المسافات بيننا...
هل رسم لي القدر أن أخوض رحلة الافتراق...؟؟؟ أم دوّن في حقيبتي أن أغادره... من دون سابق إنذار؟
كنت انتظر قدوم طيفه في أيام الشتاء البارد ...اختبئ تحت معطفه...اسرق من جسمه دفء حنانه...
وسرقت مني الأيام الأولى أروع كلمة نطقتها...با...با...بابا.... تفصلنا البحار و الأميال...كنت احتاج إلى وجده...ابحث عنه...اسأل الريح القادمة من الشرق و اسأل الشمس عسى ان يحملون انباء عودة او عبق لقاء ...؟....أرسل مع غيمة صغيرة أشواقي إليه...ليحس بنثيث مشاعري....كم تمنيت أن يضمني...و يداعب انفه...أحس بخشونة ذقنه.....ورقصات دقات قلبه على أنغام اللقاء......
ابحث بين أوراق الليل عن ذكريات طفولة ضائعة...تحت عجلات قطارات الزمان ...كنت ارتجف بردا....أحلام بدفء معطفه...بحنانه..
صمت....برد...و نجوم تعزف أنغام الرحيل الأبدي... ....لقد رحل.. با.......بابا