رماد اللقاء

هديل حسين أبو نبعة

[email protected]

وأنا في طريق العودة الى موطني تمثلت امامي بعضا من ذكريات  تطايرت  كلوحات متفرقة أخذت تلتف واحدة تلو الأخرى  لكل  واحدة منها  ذكرى علقت في داخلي  ، شخوص أثروا بي وأفراد عائلة افتقدتهم وأماكن وسنوات من عمري ، وبينما كنت استعرض لوحات عمري توقفت أمامي  صورة صديقتي ... جعلت أقلب في ذاكرتي صفحات  من حواراتنا وبعضا من لقاءاتنا فقد مضى زمن طويل لم نجتمع سويا  ، فكلانا تزوج وافترقنا بحكم الغربة ...

لحسن الحظ كنت امتلك  رقم هاتفها ، سارعت بالاتصال بها وكنت ارجو بداخلي ان رقمها لم يتغير كما صورتها التي في مخيلتي .....

تسللت الى ذاكرتي تلك الامسيات التي كنا نقضيها نتجاذب اطراف الحديث تارة ونتبادل آراءانا في مادة دراسية تارة أخرى كنا نختلق الحجج للقاء فكنا اما نخرج لشراء الحاجيات او نلتقي ببيت احدانا للدراسة ، كنا كما التوأم لا نفترق حتى بطموحاتنا وأحلامنا....

 ومضت سنين خمس من حياتنا  ملأناها وغلفناها بشىء يسمى صداقة ... لكنا نسيناها بمجرد الزواج .

أذكر روحها العذبة وتمسكها بالحياة كانت تختلف عني برؤيتها المستقبلية فقد رسمت لنفسها شأنا عظيما   ، كانت تعلق آمالها الذهبية  عليها فكانت تأخذ كل شيء على محمل الجد لتصنع لنفسها المستقبل المرجو ، كنت أحب أن أمتلك جزءا من  ارادتها  فقد سحرني في ذلك الوقت طموحها.

لماذا قسونا على انفسنا وجعلنا من نهج حياتنا رباطا على صداقتنا وأودعناها كخبية في صندوق وألقيناه في غياهب الماضي وعتقناه وما عدنا له بحجة مشاغل الحياة وظلمتها  ألم يعد للصداقة مكان أو فسحة .

كل ذلك عصف ذاكرتي وأنا انتظر صوتها بلوعة ان يجيبني على الهاتف لكن ما من مجيب...

ماذا كنت انتظر من لقائي اياها عودة الذي كان يجمعنا من صداقة  ام فضول مرضي لمعرفة ماهية حياتها منذ افترقنا.... أيكون ذلك ! لا لا يمكن لماذا ظننت في نفسي ذلك يال حماقتي ...

لم أيأس من معاودة الاتصال فرنين الهاتف كان يغذي في نفسي بريقا من الأمل حاولت التمسك به .

ألو ألو .... هناك من رفع السماعة اجبت بلهفة وسألتها ان كانت هي صمتت قليلا ثم أردفت انا  شقيقتها وانها أجابت على هاتفها الجوال لالحاحي المستمر في اعادة طلبها ،سألتها اين شقيقتها أجابتني انها مريضة  تعاني مرضا عضالا ... تأسفت لحال صديقتي وقررت زيارتها .

لا اعلم ماذا أهدي لها ..فكرت مليا ولم أجد اجمل من باقة ورد تعبر عن ألوان الحياة التي كانت ترسمها في الماضي لحياتها علها تخفف من المها... هذا ما ظننته في داخلي ولكن .....

صدمت لهول ما رأيت أخذت صورة صديقتي تتهاوى أمامي... فما أن رأيتها انتزعت مني شيئا من حياة وأمل

كانت لا تقوى على الحراك ولم تذكرني بل اني أنا لم أميزها لقباحة ما فعل بها المرض وجعلها جسد بلا حياة

تمالكت نفسي لم أذرف دمعة واحدة رغم براكين الالم التي كانت تثور بداخلي ..

انسل لون باقة الورد منها أو خيل الي .. انسحبت بهدوء بعدما تركت الباقة جانبا  ، شعرت اني أقدم زهور جنازتها ..

خرجت من عندها ومنذ ذلك الحين وطيفها يلاحقني كلما جلست الى نفسي ....