سراب
يوسف هداي الشمري
انسلت من على السرير بخفة تبحث عن ( الريمونت كنترول ) . فقد حان وقت ظهور البرنامج . التقطته . وجهته نحو التلفزيون . طفقت تبحث عن القناة . فيما أخذ يتملى بجسدها العبقري . قوامها الممشوق . شعرها الأشقر المعربد وهو يتناثر على كتفيها العاريين كخيوط الشمس . ظهرت صورتها . أحلا مما هي عليه الآن بكثير . لعل الأشكال تبدو عبر الشاشة البلازما أجمل من واقعها الحقيقي . سمع مقدمة البرنامج تعرف المشاهدين بضيفتها قائلة :
_ ضيفتنا لهذه الحلقة ، النجمة الكبيرة والفنانة القديرة . ساحرة قلوب الجماهير العربية . .
وبعد برهة صمت ، هتفت بصوت أعلى :
_ سراب . . .
اختلطت ضحكته بالتصفيق الحار للجمهور الحاضر بالاستديو . رمقته بعتب ، وكأنها لمست روح السخرية تشع في ثنايا قهقهاته . لاحت له صورتها ليلة البارحة وهي تتقيأ كل ما طفحته من أكل . تقزز حينها من منظرها المنفر . كانت قد أفرطت في الشرب ، فتحولت من نجمة كبيرة إلى هزئة حقيرة .
رجعت للسرير . اندست بجانبه . طلبت منه السكوت حتى تنتهي من متابعة البرنامج . رغبة جامحة تنتابه بأن يعبث بها . قال :
_ على ما أعتقد يا آنستي . . . . إنني لم أنقدك كل هذه الحفنة من الدولارات لكي تتابعين التلفزيون .
نظرة غضب تلوح في عينيها . أردف بهدوء :
_ أنت الآن ملكي . تفعلين كل ما آمرك به ، ما دام الأمر لا يسبب لك عاهة مستديمة . حسب الاتفاق المبرم مع قوادك الخاص . . .
احتقن وجهها بالدماء وهو يقطر غضبا قانيا . وكأن الشرر تطقطق جمراته تحت شواظ نظراتها اللاهبة . استشعر بعاصفة هوجاء آتية لا محالة . يبدو إنها آثرت الصمت . لا سيما وهي في يومها الأخير . من الحماقة أن تخسر المبلغ بعد كل ما جرى في الأيام الثلاثة الماضية .
لقد فعلت بها الأفاعيل . . وهل نسيت شيئا ؟ . آه ، تذكرت . لم أربطها على السرير . أخرج الجامعة من الدرج . ثم قال باقتضاب :
_ أريد أن أربطك على السرير! .
بعد قليل من الممانعة امتثلت لأمره بإذعان . أصبحت لا تقوى على الحركة . فليعبث بها ما شاء له العبث . أحس برغبة في الذهاب إلى الحمام . نزل من على السرير . وكأنه تذكر أمرا . توجه نحوها بكليته ، وهو يتمتم :
_ النجمة الكبيرة . . والفنانة القديرة . . .