قصاصات وستائر

حسين راتب أبو نبعة

[email protected]

جامعة الملك عبد العزيز

كلية المعلمين بمحافظة جدة

كان فرحاً بالخطوبة و متشوقاً لتلبية ما تطلبه الخطيبة ، أغرقها بالهدايا و تحين الفرص لتقديم المزيد.قبيل موعد الزواج ألحت عليه للسكن في الحي الذي يسكن فيه أهلها و رغم الأجور المرتفعة لتلك المساكن في الأحياء الراقية إلا انه لم يتردد في استئجار شقة تليق بالحسناء إذ لا بد من تلبية رغباتها. في اليوم التالي قام بتأثيث الشقة بأرقى المفروشات و زين الأرضية بسجاد شرقي فاخر. لم تتوقف طلباتها  و مشترياتها يوماً واحداً ، و ذات يوم دعاها لمعاينة أثاث الشقة خاصة وأن موعد الزواج بدأ يقترب. أمسك بيدها و مشت معه على استحياء مصطنع و دخلت الشقة و فجأة توقفت  مذهولة !

-       لا بد من تغيير الستائر ؟قالت بنبرة استعلاء

-       إنها من أرقى الأنواع و من مفروشات.....

-       لا تكمل ، أنا لا يهمني اسم المفروشات بل انسجام الألوان و تناسقها و ملاءمتها لمستوانا الاجتماعي.

لا يدري ما الذي أدى الى انسلال يده من يدها و شعوره ببرودة قاسية و نفور شديد و قال لها بنبرة لم تألفها:" يبدو أن ثمة فجوة في الأذواق و الرغبات يصعب ردمها"، أخذ صوتها يرتفع في فضاء الغرفة دون أي اعتبار لمشاعره و اختتمت الزيارة الخاطفة بقولها إنها لا يمكن أن تقبل بهذه الستائرحتى لو.....

لم يتمالك نفسه وأقسم قائلاً:إن تغييرك أهون عندي من البحث من جديد عن ستائر تلائم  ذوقك !.حاولت أن تحبس دموعها لتخفي كبرياءها المجروحة و لكن دون جدوى.

أمسك بقسيمة الزواج..مزقها و ألقى بالقصاصات من نافذة في الطابق الثالث ، و دخلا المصعد بهدوء ، خيم الصمت لم يعكر صفوه إلا أنفاس مكبوته لمشروع زواج متصدع الاساسات.