هو وهي واخر

د. السيد علاء الجوادي

د. السيد علاء الجوادي

مجموعة بعنوان "هو وهي واخر" ... ثلاث مقطوعات من قيثارة اللحن الحزين

قال الحكواتي في مقهى ليالي الاخلاص...الواقع في شارع ابي نؤاس...الذي يسميه قدماء البغداديين ابو النواص: بينما كنا نسير في الصحراء راكبين القلاص...حدثني صديقي وهو يبكي عن معاناته باخلاص...عن قصة عجيبة غريبة ابطالها ثلاثة اشخاص...هو وهي وثالث يواليه وله به محبة واختصاص...قال اروي لك حكايتي بلا زيادة ولا انقاص...ولا ابتغي الصاق تهمة باحد او انتقاص...انما ارضى بما كُتب على الـنـواص...واستغفر ربي من الاثم ولست لامره بعاص...ثم اردف متحسرا: حسم الامر ولات حين مناص...وارسل قصته ليرويها القَصّاص...وفي اجوائها سانظم قصيدة الخلاص...

لو ازهر في قلبها النور

المقطع الاول

هو: شاعر حساس وانسان رقيق يتأثر بالنسمة ويحس برفرفة جناح الفراشة ولا يحب ان يسيء الى احد في هذه الدنيا يميل بشدة الى الاعتزال ولكن الشهرة تطارده اين ما كان.

هي: ملاك بشكل انسان تحب مساعدة الناس وتمتلك الشجاعة بالمواجهة وتحب التصدر في التعبير عن رأيها ولكن العزلة لفتها لنزول الكثير من البلايا والرزايا عليها.

الصديق: رجل في منتهى الطيبة والصدق والتفاني. مخلص له ويسهر على راحته وحمايته بكل ما يستطيع. ان مدحه احد شعر بالزهو والاعتزاز وان اساء اليه اخر يشعر ان الاساءة موجهة اليه. فهو حساس ومتنبه لكل ما يمكن ان يسيئ لصاحبه.

هم: وصفوها بابشع الصفات والصقوا بها اقبح الصفات وقالوا له احذر منها فانها كاذبة فاسدة منافقة ذات اغراض.

المقطع الثاني

هو: ان عبر عن مشاعره فيعبر على طريقة الشعراء والرسامين والفنانيين عبر الفاظ جميلة والوان متداخلة وقد يصعب على من لا يفهم المعاني الا بالكلام الصريح او الرسم الواضح ان يفهمه. وبمقدار صراحته وبساطته فانه عندما يعبر عن خلجاته يصوغها بمزامير داودية وبنغمات صوفية وبرموز عرفانية هكذا هو. ان احب احدا لا يقول له احبك وانما يرسمه ضمن صورة ويقول احب هذه الصورة. فان كان الحبيب ذكيا لبيبا فانه سينتشي للقول ويفهم المقصود.

هي: كتبت وقالت له مرات ومرات ماهو من رائع الشعر المنثور المليئ بالعواطف والشعور. واعلنت شوقها وصبابتها وانها تكاد ان تموت من الفراق. وقالت له عبر الصديق: بلغ الحبيب انه اروع رجل بالعالم. وهو سيد الرجال وهو اية الكمال وكامل الخصال.. وان له نور يجذب الاخرين. وكتبت للصديق: انه كل حياتي ودنيتي وهو حبي الوحيد والصادق. واني احبه اكثر من امي وابي واهلي. واني اموت لو اعلم انه منشغل قلبه بامراة غيري. وهو كل شيئ في حياتي. وقالت: احبه بصدق ما بعده صدق فهو عيني وعقلي وروحي واخاف عليه من كل الدنيا. وقالت للصديق: هل تعلم كم تحملت من مرارة الفراق والبعد عنه. وكتبت: هو عندي مثل الوطن وكم حاول الواشون ان يبعدوه عني او يبعدوني عنه، الا اني لم استجب وازداد حبي له وازدادت غيرتي عليه. واريد ان اكون مصدر سعادة له لا مصدر اساءة واذى. وانا اكثر من ضحى من اجله فبعدي عنه تضحية. واريد منه حتى لو مت ان يعلم اني احبه احبه احبه وانا في قبري!!!

الصديق: كتب لها: سانقل هذه المشاعر النبيلة اليه. واعذريه فانه يعيش في عالمه ولا يهتم حتى بنفسه وصحته انه اوقف نفسه للناس والفكر والعمل الصالح والشعر. انه معلم قادم من بطون التاريخ، بل بقية من الصالحين. وحالم في عالم متوحش وكأني به ليس من ابناء زماننا بل هو بقية الضمير المتنحي في عالم اليوم. فهو يتألم بصمت ويعاني ما يعاني من المصاعب والازمات التي تقض مضجعه عندما يبتعد في صومعته، ليظهر امام الناس ضاحكا مستبشرا يشيع المحبة والالفة بينهم ويتحمل من همومهم التي يبذل كل امكاناته لحلها فيضيف منها الى همومه هموما.

المقطع الثالث

اخبره الصديق: ان العصفورة الصغيرة الجميلة قد اختطفتها ايدي المنون. فبكى بكاء مرا ونظم هو شعرا وبعث به اليها. وكان يتالم عليها لانها اصبحت محطة احزان متتابعة فمن فقدها العصفورة الكبيرة الجميلة لفقدها الصقر الذي كان يحميها ومن مرض الشجرة التي تستظل بها وتساقط اوراقها الى فقد تلك الورة الصغيرة المتفتحة في ساعة طائشة اختطفها الموت من امها المسافرة. كان يبكي بحرقة لاسيما ان ذلك يذكره بطائرته الحبيبة التي راحت عنه بعيدة.

الصديق مرة اخرى: ايها السيد حدثتني نفسي بما حدثتني به فكتبت لها من غير اذن منك ما كتبت مما دار في البال. لقد أثار أستغرابي وتعجبي عدم الجواب واختلاق الاعذار. لقد كتبت لها وانا بهذا الحال:  لا تظني اني رجل ساذج! وعلى الرغم من أن صاحبي قد صدق الادعاء ألا اني لم أصدق ذلك. وأذا كانت طيبته تجعله متسامحا ومصدقا لا سيما مع من يثق بهم، فأن حرصي عليه ومحبتي الاخويه والمخلصه له تجعلني أشعر أن واجبي تنبيهه من كل لعب وخداع. وأني أتألم كثيرا أن يتعامل البعض مع هذا الكائن المسالم والوديع والبسيط بطريقة لا تنم ألا على اللعب والخداع. وأني سوف أنبهه على ان لا يثق بمن لا يستحق الثقه.

هو: لا استطيع ان اظن بها الا الخير. واتألم اذ اني في ظروف لا استطيع بها ان اقدم لها ما يعينها في محنتها الا الدعاء والمسافة بيننا هي المسافة بين الليل والنهار. فدع الخلق للخالق يا اخي العزيز. ان قلبي يحدثني انها معذبة مظلومة طاهرة محزونة. فلنحملها على محامل حسن الظن فهو منهجنا وهو الافضل لنا ولها وللصديق.

هي: كانت متألمة كثيرا من رسالة الصديق. ثم وصلت رسالتها اليه لتقول: مرحبا ايها الصديق انت بمقام اخي العزيز ومن حقك ان تعتب علي وتزعل مني. لكن اسمع مني ما اقوله لك: فانا عمري ماخدعته واني اعشقه بجنون واحبه حبا شديدا. اقسم والله والله والله والله العظيم ينبغي ان تعرف حتى لو انه عافني او تركني ولم يعد يحبني، فانا سابقى احبه حبا شديدا وانت تشككك ببعض كلامي في رسالتك وتفسيري لذلك - واني متاكدة - انك تكلمت بهذا الكلام من محبتك له واني اقدر هذا واشكرك عليه. ولكن ايها الصديق العزيز ينبغي ان تعرف اننا قد مررناه بظروف عصيبة وصعبة وفي اجواء مليئة بالنفاق والنميمة، وهي ما ارهقتني وابعدتني وانا اذوب في البعاد واعاني من الارهاق. وكل عام وانت بالف خير. واريد ان توصل معايدتي له وتقول له: كل عام وهو يبقى لي كل الحب والسعادة والامل. وسانتصر على كل العقبات واني احس انني ساعيش مدى العمر مع هذا الانسان النوراني. وقل له: لم احب رجلا قبله ولن احب رجلا بعده فالحب الاصيل لا يأتي الا مرة واحدة، وقد انعقد حبه في قلبي الى الابد.

المقطع الرابع

عندما اطلع هو على رسالة الصديق وقبل ان يطلع على رسالتها، كان يميل الى اعذارها لانه لا يستطيع ان يظن بها الا خيرا. كان يلزم نفسه الا يتعامل معها او مع غيرها الا بالتي هي احسن وكان يلزم نفسه بما قاله ربه:

واوفوا الكيل والميزان بالقسط، لا نكلف نفسا الا وسعها، واذا قلتم فاعدلوا.

ففسر افعالها بما يصدق عذرها ويطمئن صاحبه بحسن حالها وقال للصديق: بل انظر لها وهي في وضع صعب انها يتيمة ولم تبلغ اشدها في هذا الوقت، وينبغي العدل معها. كان الشاعر يخاطب صديقه: ان يدع الخلق للخالق لئلا يتخذ الانسان موقفا يكون به اذى للاخرين دون وجهة حق.

الصديق تظاهر انه مصدقا لكلام صاحبه وقال: والله اردت ان استفزك واستفزها بعد طول انقطاع!!! فبان صدق حديثها وطيبة معدنها واصالته. وفاضت قريحتك بالكلام والاشعار وهو ما كنت ابغيه. فيا صديقي العزيزين ودمتما لبعضكما فلا اريد ان اكون بينكما العذول.

وانبعثت في ذهنه قصة ناقة النبي صالح عليه السلام، اذ عقرها قومه ثمود، فباءوا بغضب من ربهم. فشبهها بهذا الرمز المقدس تكريما لها. شبهها بالناقة التي كانت معجزة الانسان الصالح الالهية. والعرب تشبه المرأة الجميلة بها فتقول عنها الناقة.

دع ناقة الله بمـرعاها

مالك يا هـذا وسقياها؟!

ما انت مسؤول اذا اخطأت

مـا انت ممدوح بتقواها

ان اخلصت فـي حبها او اذا

خانت فان القبر مثواها

ما نحن من قوم ثمود وما

نغرق في اثـمٍ وطغواها

دعها فما فيها وما عندنا

ربـــك سواه وسواها

فان يكون الصدق في عذرها

فالله يـرعانا ويــرعاها

ودمعنا يغسل دربا لــها

وقلبنا مـا كـاد ينســاها

وان قلبي ما شكى لحظة

من لطفها والصــــدر مأواها

اقول للعــاذل لو لامني

وفي ســـطور كان املاها

يا عاذلي حتى اذا صادق

كنت فمـــا للعيش لولاها

طعمٌ وما للشعر من منشدٍ

مـــن دون ان يلثمني فاها

وان يكون الصد من طبعها

فنــــحن لم نبدأ نجواها!!

فالحب منها مبتدا امـره

أذنــبنا تصــديق دعواها؟

هي تبكي

هل خسرت حبا بلا ريبةٍ؟

هـــل طــعنت قلبا تلقاها؟

هـل انها تمخر في ازمة؟

صـــــامتة وتحبس الآها

ام انها ترسف في مـحنة؟

ويــنبغي للشـهم يرعــاها

رفقا بها في نار اشواقـها

وادعو لــها بالرشـد يغشاها

وظنـنا ان جمالٌ لــها

في قابلٍ يضيئ فحـواها

فيفتح الصفحُ لها صفحةً

بيضاءَ من مثل محياها

وذاك لو ازهر فـي قلبها

نــــورٌ الهيٌ فعافاها

 

هو,وهو يصلي في صومعة التجلي والانوار

من هي؟؟

من هي؟؟

هكذا قالت رنات الاوتار

اهي وردة جميلة في ارض قاحلة؟؟

اهي نسمة في هجير الصيف؟؟

اهي قطرة ندى في صحراء يابسة جرداء؟؟

اهي فراشة ويحوم عليها غراب قبيح؟؟

اهي عصفورة غريدة يريد العقاب افتراسها؟؟

وجاء صدى رنات الاوتار

هي الدمعة المسكوبة من العين!!

هي الكلمة الرقيقة من اللسان!!

هي لحن الخلود في الآذان!!

هي نبضة الحياة في الجنان!!

قالت وهي محمرة الخدود باسمة المحيا

انت الحببيب وانت الامل

وانت القلب وانت دواء العلل

وانت للخير اسمى مثل

ومني اليك صافي الغزل

فهل تضمني وتغرقني بالقبل؟؟

اتشك في حبي؟؟

او ما تسمع نبض قلبي؟؟

وبعادك سبب كربي

فماذا تريد مني؟؟

يا من ابتعد عني

ااشق صدري لاريك قلبي؟؟

وانت تدري حقيقة امري!!

وترنم العاشق القديس

لا شيئ لا شيئ اريد

بل اني اخاف عليك من نفسي؟؟

واخاف عليك من نفسك؟؟

واخاف عليك من انفاس الناس؟؟

يا ايتها الصورة التي رسمتها في الخيال!!

وصنعت منها ألهة للامال!!

الا تحسي باقدس احساس؟؟

وهتف الهاتف من الافاق

انها حورية انسية

مخلوقة من انوار ملائكية

فاحرسها في احرامات التقديس

وعمدها بطقوس الحب يا ايها القديس

ادر عليها اطار الفضة

محاطا باطار الذهب

في طبقات من الحجر النفيس

من اللؤلؤ والمرجان والماس

والعقيق والزبرجد والياقوت

والفيروز والدر والزمرد

واليشب والهرب والازورد

في انية صافية من البلور

على لوحة جميلة من المرمر

تلفها بالحرير الاحمر

تحيطها بالحرير الاصفر

تؤزرها بالحرير الازرق

لئلا ينهب اللصوص الكنز المصون

وترنم العاشق القديس

الاخلاص حارس الكنز المصون

يحرسه من سهام العيون

الحب هو الانعتاق من القيود

والروح الطاهرة  شعلة الهية داخل الانسان

لا تكرمها مرصعات الاحجار

ولا تتمكن من حجبها الاستار

ولا يزيد من قيمتها الديباج

اريدها ايها الهاتف في عاليات الابراج

تنعتق معي في رحلة المعراج

اريدها هي هي في عالم الاحرار

وساحميها بروحي من الاشرار

واطير واياها متشحا بشالي الاخضر

وانا اتلو من القرآن الاطهر.

قالت وهي موردة الخدود مشرقة الجبين

افديك يا كل شيئ في حياتي

انت حبي انت قلبي

انت اهلي انت دربي

انت ولدي وبناتي

انت دنياي التي راحت

ووعدٌ هو اتي

فجاء النداء لابن الانسان

نعم آن الآوان

فاصعدا للجنان للجنان للجنان

وصية بنت الرسول الزهراء لبناتها

نور الايمان وجمال الحجاب

قال احد الشعراء باللغة الفارسية بيتا من الشعر مخاطبا به المرأة المسلمة، بما معناه:

ايتها المرأة اليك من فاطمة الزهراء هذا الخطاب

ان اثمن زينة للمرأة هـــــي حفظ الحجاب

وقد اعجب هذا البيت الشاعر فنظم معناه باللغة العربية ويقدمه هدية لكل بنت تريد ان تدرج على طريق فاطمة الزهراء وامها خديجة الكبرى وبنتها زينب عقيلة الهاشميين.

اليك اليك منــهاجَ الصوابِ

من الزهراء جوهرةُ الخطابِ

فاحلى زينةٌ صــانت جمالاً

وطار بها الجمالُ الى السحابِ

بصون بنات حـــواءٍ عفافا

وذاك بحفـــظ اداب الحجابِ