بنت زقاقنا

عبد الله اليوسفي

طالب بمعهد الدراسات الإسلامية

[email protected]

أما بنت زقاقنا ياصاحبي  فالكلام عنها يطول . والحديث عنها  يعجز اللسان . حيث كانت تتفترش السعادة . وتتغطى السرور . كانت صاحبة جمال وأنا قة . أسحرت بجمالها العديد  وفتن بها الكثير . وسقط في شباكها ملاين الشباب . نورت زقاقنا  بنور من الضياء كانت آمنة مطمئنة . يأتيها رغدا من كل مكان . وكانت تتقلب في صفحات القرآن . تقتبس من نوره الصراط السوي . أحبها القريب والبعيد . وتقدم لها الفقير والغني . وضرب بهال مثل بين الناس في الحياء والأخلاق  . لم تنزع حجابها من على جلدها

مررت يوما على منزلها . فسمعت صوتها كصوت صفير البلبل . ترتل القرآن ما شاء الله أن ترتل . فشدني حنين إلى الجلوس في عتبة الدار . لأستمع لتلا وة القرآن من لسانها العذب السليم .  شعرت أنها تسجد وتركع . فذهبت خلسة لأراقبها من فتحة صغيرة . فنظرت نظرة فإذا هي خاشعة بصرها إلى السماء . تتضرع إلى مولاها العلي الحكيم .  ازداد شوقي وحنيني لها . واتجهت إلى ذلك الإله الذي وهب لها الجمال والفكر والأخلاق ق والقيم والمبادئ. راجيا منه أن أكون من حظها

.ثم انطلقت إلى بيتنا راشد ا . وقلبي وفكري وعقلي طار نحوها.  مرت علينا الأيام والسنون . وبنت زقاقنا على هذا الحال. في النهار تعلم القرآن لصويحباتها . وبالليل تسجد وتعبد وكأنها راهبة. كل من تقدموا لها رجعوا خائبين خاسئين حتى استقر الأمر في قلوب الناس أنها لن تتزوج ولا تريد الزواج. لكن قلبي لم ييأس ولم يمل . كررنا القدوم على أهلها طالبين يدها.  إلى أن جاء اليوم الذي ستقرع له الطبول وتزخرف له الدروب.  وتغرد فيه العصافير . وترقص فيه الأشجار .

لقد وافقت على زواجي بها . يا لفرحتي ؟ يالسعادتي ؟ يالهنائي ؟ عقدنا القران. ثم أهدت لي مصحفا في غلا ف ممزوج بالورود والزهور.  ولم يبقى لنا إلا حفل الزفاف . الكل كان يترقب هذه الحفلة . صغيرنا وكبيرنا . أقبل أبناء دربي يهنئوني على حظي الجميل . أخذ الكل يستعد للحفلة .   نورنا الديار . ودعونا الأهل والأصحاب . آآآآآآآآآه نسيت أن أخبركم يا أحبابي . أنها صلت خلفي قبل ليلة زفافنا . كان شعورنا جميل  تلك الليلة القمراء .

وفي يوم غد زفافنا . قامت لتصلي الصبح . فأخذت ترتل القرآن كعادتها . وتتنعم بآياته وكلماته  . حتى سجدت لله رب العالمين سجدتها الأخيرة . ولم ترفع رأسها . وذهبت إلى جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر . رحلت عنا  . وتركت خلفها الأحزان والآلام. كما تركت خلفها ذكريات رسمت على جدران زقاقنا. منذ ذلك الحين وفراغها في قلبي يضايقني أحسست بالجراح والنزيف. لكن اخترت أن أحذوا حذوها. وها أندا أنتظر من الإله أن يلحقني بها  إلى جنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين.