ولاء الغربة
ولاء الغربة
الأسد العويضي
"الغربة تحمل لى ولاء دائما ، و أنا مدينة لها بشجن لا ينتهى" ... هكذا حدثتها نفسها وهى تهم بإيقاد المدفأة لأن رعشة خفيفة بدأت تسرى فى جسدها ، فالبرد قارس و حبات المطر بدأت تتراقص خلف زجاج النافذة وتعانق لمعانه
... أمكتوب على أن أسير فى شوارع الغربة وأسجل ذكرياتى على جدرانها؟ ... و إلى متى؟
على كل حال لا بأس فجبال الغربة بداخلى صخورها قاسية لا تذيبها أنهار الحنين ، بل إنها تجف فوق وعورتها دون أن ينبت الأمل
... لا غرابة فأنا والغربة تلازمنا ... تعاهدنا على الصحبة ، هى تؤلمنى وتبحر بى عبر مرافىء بعيدة ، وأنا لا أمانع ، ولكن كيف تبحر بى وكل مدنى محاصرة؟! و إذا أبحرت بى فإلى أين تبحر؟ و منديلى لا يحتمل .. أيحتمل دمعى؟ أم يحتمل أن أضمد به جراح غزة ودن أن يتمزق؟ و هل سيكفى لجمع الأشلاء فى شوارع بغداد الحبيبة؟ أم فى بيروت الممزقة؟
... ليتنى أستطيع أن أزيل ما علق به بأن أغسله فى ماء النيل ، ولكن هل النيل رائق البال حتى أزيد همومه هموما أخرى؟
.... أفضل شىء أن أصنع منه خارطة ، ولكنى لا أعرف حدود الوطن فكل المدن مدنى و رغم جراح الغربة فأنا مازلت فى وطنى ، ومدت يدها لتمسح دموعها الساخنة من على خديها