حين يجتمع الأعداء

ياسين سليماني

[email protected]

في البدء تحسّ أنّك بحاجة إلى الماء، فتمدّ يدك فتشعل مصباحا بجانبك وتشرب، ثم تضعه وتطفئ ما أشعلته، وتريد العودة إلى النوم.

ولكنّك لا تستطيع...

ويخالجك شعور بأنّ سبب أرقك هو الهواء، فتذهب إلى النافذة تفتحها فما تكاد تفعل حتى ترى جيش البرد عظيما، فتولّي الأدبار إلى فراشك بعد أن تمنع دخوله.

إلا أنّك تجد نفسك وجها لوجه مع عدوّ اسمه الملل، فالنعاس فرّ من قفص عينيك وطار والجوّ خارجا شديد البرد وشديد الحرّ داخلا، وهذا عدوّ ثانٍ لك، وتفكرّ في شيء يسلّيك فتعيد النهوض من سريرك فتأتي بجريدة، فتقرأ الكثير بيد أنّك تزداد مللا، وتتذكّر بعد حين أنّ اليوم جمعة ولا صحف فيها، أفلهذا السبب كلّ ما قرأته جرعات من السمّ ؟ يقول لسان حالك.

وتسند كتفك إلى وسادتك، وتهبّ مسرعة إليك فكرة جديدة، تأتي بقرص مضغوط به كمّ معيّن من الأغاني وتبدأ في الإصغاء، وتتفاجأ بهزيم الرعد يدوّي خارجا، ولا ريب أنّ البرق مضى ينشر الضياء في السماء، وحينها ينطفئ النور... لقد انقطع تيار الكهرباء، فتتحجج بهذا وتأوي إلى فراشك مسرعا لكنّك مع ذلك لا تشعر بمداعبة الوسن لجفنيك.

ثلاثة أعداء يتحالفون ضدّك: نعاس هارب، هواء خانق و تيار منقطع، وتسرع في آخر الأمر إلى الشموع فتأتي بواحدة فتهزم عدوّا من أعدائك، وتروح إلى درج في غرفتك فتأخذ منه قلما ودفترا وتريد كتابة خاطرة، فأنت تهوى هذا النوع من الكتابة، فترجع إلى فراشك وتبدأ في التدوين غير أنّك بعد لحيظات تحسّ بالسهاد قد ولّى، فتضرب كفّا بكفّ وتقول: ليتني تفطنت إلى الكتابة قبل هذا الحين، وتسقط رأسك على الوسادة، وتغطّ في سبات عميق.