انتظار
وفاء عمران عبد المجيد
إنها الساعة الخامسة الان, ولم يأت بعد ,لقد اتصلت به قبل حوالي أربع ساعات وقال لي انه سيكون في البيت بعد ساعة ,وهأنا انتظر.. وبدا الانتظار الطويل يدق أعصابي بمطرقة حديدية, وبدأت أثور تارة قلقة وتارة غاضبة وأحمل جوالي معي اينما ذهبت , ارن له مئة الف مرة!! فلا يرد أتخيله إمامي وأمطره بوابل من التوبيخ عن عدم دقة مواعيده ألا يعلم كم اكره الانتظار لو لم يتصل ويقول لي انه قادم لما غضبت.
في تلك الأثناء رن جرس الهاتف تركض مسرعة تتناول السماعة خائفة ومتأملة في نفس اللحظة خائفة ان يقول لها انه سيتأخر أكثر ومتأملة أن يكون هو المتصل يسألها إن كانت تريد شيئا للبيت لأنه ألان قادم في الطريق.
إلا أنها تصاب بخيبة أمل,إذ لم يكن الطرف الأخر إلا صديقتها لمياء تدعوها للخروج غدا إلى السوق معا
فتوافق وتحدد موعد الساعة العاشرة للقاء .
تضع سماعة الهاتف وتعاود التفكير في زوجها الذي لم يأت بعد, يمر بجانبها ابنها الصغير راكضا تحس بغضب شديد تريد أن تحمله وتلقي به, وتصرخ غاضبة طالبة منهم التزام الهدوء.
يرن جرس الباب فيركض طفلها الأكبر ليفتحه فإذا به زوجها, فتتغير ملامح وجها لتبدو أكثر ليونة وتقول بصوت يمتزج فيه الغضب بالحنان "لقد قلقت عليك لماذا تأخرت؟!"ز
فأجاب بكل برود" انت تعريف العمل وظروفه.... , يا الهي كم أنا تعب " ثم بدل ثيابه و جلس إلى مائدة الطعام, وكأنه نسي انه اتصل قبل أربع ساعات ولم يلق بال لكل مشاعر الغضب التي أحست بها .
في صباح اليوم التالي استعدت للقاءِِ صديقتها اصطحبت ابنها الصغير معها ونزلت من بيتها مسرعة أشارت لسيارة أجرة كانت مارة , دخلت السيارة ولم يتحرك السائق مضت نصف ساعة ولم يتحرك قالت له " يا أخي ماذا تنتظر " , أجابها بكل برود " راكب أخر ", قالت له:
- قد يطول حضور الراكب الأخر.
- إذا كنت مستعجلة؟ فادفعي أجرة الراكب الثاني!.
ولأنها تكره الانتظار قررت أن تدفعها.
وصلت إلى المكان المحدد وفي الموعد المحدد تنتظر صديقتها لمياء ومرت ساعة بكى ابنها الصغير خلالها من الملل والجوع, وتعبت أعصابها فبحثت في حقيبتها عن الجوال ورنت مرتين على جوال لمياء التي أكدت لها في كل مرة أنها في الطريق إليها.
وأخيرا وصلت لمياء مسرعة!
- أنا آسف تأخرت عليك لقد تأخرت في النوم وكان لابد أن ارتب البيت قبل الخروج
صرخت بعصبية "ولماذا لم تهاتفيني لتخبريني انك ستتأخرين قليلا , ألا تعلمين كم اكره الانتظار "
- آسفة لقد نسيت تماما.
في السوق دخلت أكثر من محل وانتظرت أكثر من مرة, البائع فلان لإحضار البلوزة برقم اكبر
وبائع أخر لإحضار باقي النقود وصديقتها لمياء التي لا تعرف ماذا تختار, وينتهي اليوم مليئا بالتعب والانتظار.
ذات يوم قررت أن تزور عمتها التي تسكن خارج مدينة نابلس , حضرت الأولاد وخرجت مبكرة ,وهناك وقفت في صف طويل تنتظر دورها لتخرج من مسافة لا تتعدى حدود العشرة أمتار, تنظر إلى الساعة مئة مرة! تتحرك الساعة ويمضي الوقت وهي ما زالت في حدود العشر أمتار نفسها وكأنه كابوس مزعج حيث تحلم انك تركض في مكانك لا تبارحه ابدا.
وعندما انتهى كابوس العشرة أمتار واجتازته أطلقت تنهيدة " الحمد الله لقد انتهى " لكن غدا سيتكرر بطريقة أو بأخرى مشكلتي أنني لا أطيق الانتظار ومع ذلك امضي حياتي في انتظار .
-النهاية-