مندوب لئيم
مندوب لئيم
عادل العابر - الأحواز
[email protected]
ترشّح للإنتخابات من حيّ طعن الفقر ساكنيه بخناجر لا تخاف الله حتى بلغت العظم!
قال لهم:
بعد أن أفوز، سوف أجلب الخير إلى البلد!
سوف لن تروا أثراً للبطالة قط!
ماذا يظنّ الطهرانيون؟
هل خلق الله الحياة لهم دون غيرهم؟
وهل سنبقى ــ نحن العرب ــ فقراء إلى أبد الدهر؟
ستنشأ الشركات العديدة في هذا البلد وسترون أننا سوف ننافس دبي بالأسواق والتجارة!
ثم برز صدره كالحمامة وقال:
بينكم وبين الثراء خطوة واحدة: فوزي في الإنتخابات!!!
كان الإحتلال الإيراني قد دمّر أهل الحيّ تماماّ ...بطالة قاتلة...فقر مدقع...جوع
يرقوع...
وهل رحم الفرس العرب يوماً؟! ... منذ بدء الخلق وإلى يومنا هذا،
ولذا كان كلامه قد برق أملاّ في حيّهم المسكين!
فصوّت له الجميع وفاز ... ودخل مجلس النوّاب.
مضى عام وعامان وثلاثة... وقد ضبّ أهل الحيّ الأحزمة على البطون من شدة الفقر
الأسود والعوز... ولكنه لم يبيّن!
تزوج للمرة الثانية والثالثة في طهران وعاش عيشة هنيئة...
فيلا،
وسيّارة فخمة،
وخدم،
وراتب ضخم،
وحق السكوت!
وفي أواخر العام الرابع... وقت الإنتخابات بالتحديد...
طارت به الطائرة من طهران إلى (حيّ النخيل اليابسة) في الأحواز!
وغلب المتنافسين بسهولة وفاز للمرة الثانية ورجع إلى طهران!
وترك أبناء حيّه يتغذون بمرق الهوا و المياه المالحة!
وفي جوّ الإنتخابات لرئاسة الجمهورية التي فاز فيها احمد نجادي،
ــ وغالباً ما يراوغ النظام الشعوب التي ترضخ تحت إحتلاله في هذا الجوّ ببعض
التنازلات ، كي يجذبها للإشتراك في الإنتخابات! ــ
قدم ثريّ طلباً لإنشاء شركة في الحيّ، ووافق النظام على طلبه وبدأت حيطان الشركة
تبنى وترتفع! ... وتفائل الناس خيراً!
وانتقلت البشرى من لسان إلى آخر حتى بلغت طهران، وبالتحديد إلى مندوب بلدهم في مجلس
الشورى!
فطار محتجّاً من طهران إلى الأحواز! ثم نقلته السيّارات الخاصّة إلى حيّ النخيل
اليابسة!
كان الجميع في عجب من اعتراضه لإنشاء شركة سيشتغل فيها أبناء بلده!
حتى أقربائه ووكلائه كانوا مستغربين من أمره!
فقال واللئم يتفجّر في عينيه مبرّراً احتجاجه:
لو اشتغل أبناء حيّ النخيل في هذه الشركة، هل سيصوتون لي مقابل مائة وخمسين ألف
ريالاً كما صوّتوا لي في المرة الماضية؟
ثم كوّر يمنته وجعل يضرب بها راحة يسرته وأردف متهكماً:
إن أنشأت الشركة في هذا الحيّ، عليّ أن أودع كرسيّ المجلس والحياة المرفهة في
طهران!
وعليكم أن تعودوا فقراء كباقي أبناء حيّ النخيل الجافة القطوف!
أليس من حقي أن أدافع عن مصالحي ومصالحكم؟!
وتعطل بناء الشركة دون أن يعلم أحد من الفقراء بالأسباب!
ورجع المندوب إلى طهران منجزاً مهمّته! مشفوعاً بأدعية السلامة!
فشاع في نفوس وكلائه وأقربائه الرضا!
وتبخّر حلم الراتب الضخم من الرؤوس!
وبات أبناء الحيّ فقراء يدقون الهوا في الهاون ويلهمونه!
والشيوخ يلهون بحبات المسبحات دون أن يهمسوا بأي تسبيح!
وسعف النخيل اليابسة يعانق بعضه ألماً فتنبعث منه نسمة تلطف هواء الحيّ بحنق!