قَدَرُ الرّامي

محسن الوكيلي /كاتب مغربي

[email protected]

بأيمان العجزة كنت أراها تافهة وكنت على استعداد أن أموت كمن ماتوا. كنت أعلم أنني اخترت الطريق وكنت على يقين أن الطريق الأخرى لا تفضي لغير الطريق الأولى، غير أن إحساسا وثابا  نط إلى داخلي، وخلخل أفكاري، ربما من رتابة ظلال المساء ولون الرماد  المنسدل على الجدران ووجوه الناس.

فارقتِ الرصاصة الأولى بيت النار وكان علي أن أركض سريعا إلى داخل المبنى.

لم أكن أخشَى الموت.. جريت كي لا يكون الموت نصيبي وحدي.

أزحت الباب عن طريقي واقتحمت الصمت الساكن داخلي..

تركت الشارع والظلال الزاحفة نحو نهايتي والسلم، وتمسكت بسلاحي وأنا أعبر الفناء نحو الغرفة القصوى.

سمعتُ مرورهم بالخارج وشممت رائحة أرواح أخرى، غضبى تفارق أجسادها، راحلة وبجعبتها حقدٌ على من سيشاهدونها صباحَ غدٍ على شاشات التلفاز، وعاينتُ مياها داكنة تزيّن بها وجه مساءٍ متعب حزين.

مكاني، ملتصقا بحائط ينبض موتا، تموقعتُ في الماضي كي أراني من عيون من سيراني وثيقة يحاكم بها تاريخي، فبصقت وسط الفناء على ذكراي، ولم يكن ثمة وقت  لأشفي رغبتي فأبول على الذكرى.

اخترقت الغرفة فرأيته داخلا من باب الغرفة التي أدخلها. وجهت إليه بندقيتي فوجدت بندقيته مصوبا نحوي. اقتربت منه فاقترب مني بمقدار ما اقتربت منه.

   وكان الصمت. لا أحد منا يرغب بالكلام.

   كان يشبهني كثيرا ويرتدي نفس ملابسي،زيا عربيا، حتى النظرات كانت نفسها، من عيون روضتها الصحاري.. كأنه كان أنا.

لا بد للمشهد أن ينتهي ولا بد للرصاصة أن تغادر فوهة البندقية.

كان مصيرا نسجته أحزان الغروب بويلات النهار.

نظرت إلى عينيه أكثر فلمع بريق عيني..

كان جميلا، أنيقا وعلى إيمان أن حياة الذل لا تجدي..  لكنه التاريخ إخوتي.

اقتربنا من بعضنا، سرت الرجفة بجسدينا.. ثم أطلقتُ الرصاصة وتابعتها وهي تخترق جبهتي.

أكان لزوما أن تغادر الرصاصة بيت النار؟ أن يكون قدر الرامي نفس رصاصة  البندقية؟