ورش العمل الشيطانية

التربية الشيطانية

جمال المعاند -إسبانيا

[email protected]

-    ألمّت بي ظروف صرفتني بعض الشيء عن الكتابة، خلالها كنت قد جمعت مادة علمية عن التربية لتكون صلب الموضوع. ولأنني وعدت القارئ بلسان الحال أن أدون ما ألتقطه من وساوس الشياطين لكتابة أفكار مطروقة أو سوانح خيال ، فقد تباعدت الفترة بين ورشة أصحاب الفخامة والجلالة وبين ورشة التربية الشيطانية . ومما دار في خلدي  أن قرينتي مغاضبة فسدّتْ علي منافذ الالتقاط في موقف اتخذته مني ، حيث لم أنفذ أياً من خياراتها التي تجادلنا حولها في الورشة السابقة ، لكني استبعدت هذا الخاطر لعلمي أن الشياطين لا ييأسون من مسلم حتى وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة .   

    ومر عيد الأضحى المبارك وأنا مقيم في ديار الغربة لا أهل ولا وطن ، ووصل الأمر إلى جفاف تحولت حياتي فيه إلى صحراء مادية تقذف باللهب الذي يكوي ، فلا يبتل شوق من رحم ، ولا يرتوي وجد من أخ.

ولا أجد من أخ أطارحه حديث الدعوة ، فأنا لا أملك في إسبانيا إلا علاقات تُعَدّ على أصابع اليدين ، مع إخوة أفاضل باعدت بيننا المسافات فلا تواصل إلا تهاتفاً أو عبر البريد الالكتروني ، هذه الحالة السوداوية يصعب على غير المسلم تحملها ، فيجنح إلى المخدرات والمسكرات ، ولولا يقين المسلم بربه وأنسه به ، لانزلق في مهاوٍ لا يعلمها إلا الله ، لكن الحالة السوداوية هذه تؤثر على كل إنسان بدرجات مختلفة ، وهي كحالة الفرح الشديد تسيطر فيها العواطف وتتحرك الشجون ويخبو نور العقل ، فهي فرصة للشياطين .

ذات مساء غرقت في هذه الحالة وانهالت عليّ الخواطر تقلب صفحات من حياتي ، فمواطن الإخفاق أكثر من أن تحصى ، والهزائم في معارك الحياة عصيت على العد ، وعقلي يعمل ببطء، فالذاكرة تظهر الحادثة، والعقل يقارن ويستنبط الأسباب ، فإذا هي برمتها سوء تقدير وحظوظ نفس ، والخلاصة ابتعاد حقيقي عن المنهج الرباني ، كانت مراجعات خلصت فيها ، والله يشهد ، إلى أنه ما من حادثة إلا بذنب أو تقصير ، فالذنوب سبب كل مشكلة ولا يتسلط أحد على مسلم إلا بذنب. على الأقل هذا ما وصلت إليه . ثم شرعت أفكر في سبل التصحيح ، فعزمت على التوبة أولاً ، وترتيب الوقت للإكثار من الاستغفار ، وأحسست أن ثمة وسوسة تلح علي للعودة إلى مستنقع المشاكل ، فعرفت أن قريتني حاضرة فأعطيتها أذناً صماءً ، فأغلقت نوافذ الظلام في ذاكرتي ، ثم أخذت الوسوسة تزداد لدرجة الهمس .

 قالت : نقد الذات أرقى أنواع الوعي .

قلت  : كلمة حق ، وما ينفع الرأي الدبري .

قالت: جميل أن يعرف الإنسان أخطاءه ومن تسبب بها.

قلت : كل ابن آدم خطاء .

قالت: لست قاصراً عن رد الصاع صاعين، فالفرص كثيرة.

قلت: وما الفائدة من مقابلة الإساءة بمثلها .

قالت: تشفي صدرك ، ويحسب لك حساب .

قلت: أنا أومن أن ثمة يوم حساب نحاسب فيه جميعاً ، و أ شكو مَن تَعَمّد الإساءة إلّي ، للعدالة الإلهية .

قالت: لم يأمرنا الرب أن نسام الخسف ونستسلم .

قلت: ما استسلمت في حادثة وأنت تعلمين عنادي .

قالت: لكن الأثمان التي دفعتها كبيرة .

قلت: هي الدنيا خسارتها أكبر من ربحها .

قالت: حجة الضعيف وسلبية العاجز.

قلت: دعيني من آرائك المعهودة، المهم أين كنتِ طوال هذه المدة ؟ .

قالت: كلما تناقشنا في موضوع تتركه مبتوراً .

قلت: دعيها لوقتها، ماذا عن ورشة التربية الشيطانية ؟.

قالت: أُجِّلتْ .

قلت: إلى متى ؟ .

قالت: إلى هذه اللحظات ، وقد بدلت من الورشات التي عرفت سابقاً ، إلى حوار عبر النت . وقد عجلت إليك لتسمع ولترى كم أنا وفية معك وحريصة على منفعتك . ثم أخرجت ورقة بيضاء نصبتها على الحائط فإذا هي شاشة عرض وبدأت بملامستها فظهر مربعات ومثلثات وخطوط ثم أخذت تكتب أرقاماً ، فغابت  وحل محلها مربعات خمس ، أربع في الأعلى ومربع منفرد أسفل منها ، وثمة مستطيل أسفل الكل ، وضمن كل مربع صورة .

قالت: انظر إلى المربع الأول إنه سيدي بثر أما سمعت به ؟ .

قلت: لا .

قالت: هذا الولد الأكبر لكبيرنا .

قلت: إبليس لعنه الله . فرمقتني شزراً ، ثم أكملت : وفي المربع الثاني سيدي مسوط ، والثالث سيدي الأعور ، أما الرابع فيه سيدي زكنبور ، وآخر المربعات العلوية لآخر العنقود إنه سيدي داسم .

قلت: هلا عرفتني بمهامهم الإبليسية ؟.

قالت: أرجو أن تكون ألفاظك مهذبة ، مشكلتكم، بني آدم، أنكم تنطلقون من أمور تعدونها بدهيات ما تلبث أن تجعلوها تعميمات فتصبح مسلمات . استمع إليهم ثم احكم ، إنهم يا عزيزي لا يفعلون شيئاً إلا لمصلحة الإنسان فإذا ما اعتور عملهم خطل ، انسحب على كل أعمالهم ، إن ما هو خطأ بالنسبة لك، قد يكون صواباً لغيرك.

قلت: حسناً لنرى ، لكن من هو الأشيب الذي هو في المربع المنفرد ؟.

قالت :إنه عطوفة الملاحظ التربوي العام مربي الأجيال أستاذ بمعنى الكلمة ، كم تخرج على يديه مبدعون ، يكاد لاتخطئه عين ، ولا يند عنه سمع .

وقتها أخذ الملاحظ العام رئيس الورشة بالحديث بكلام أشبه بلغة الحيوانات، كلمات فيما يبدو، ولكنها من حرفين أو ثلاثة ينطقها ببطء ممل.

قلت : لم أفهم شيئاً ؟.

قالت : هذه لغة علمية هي أقرب لما تسمونه أنتم الجبر المنطقي (صفر واحد) لايتقنها إلا دارسها ، وقد طلبت لك الترجمة العربية . فظهر ضمن المستطيل كتابة تعبر عن ترحيبه بسادته الخمسة وبالمشاركين عبر النت ، واعتذر عن التأخير والاجتماع بمكان واحد كما كان مقرراً ، لانشغال التربويين بمهام يصعب تركها ثم أردف : أستميحكم عذراً لمداخلة بسيطة ، فقد يكون ممن يتابعوننا غير متخصصين تربوياً ، فأجدني مضطراً إلى توضيحات ليتسنى لهم إدراك ما يتابعون . أولاً يجب أن ندرك أن التربية شيء والتعليم شيء آخر . ولن تجد شيئين بينهما ارتباط وثيق كارتباط التربية بالتعليم ، فالتعليم هو الحصول على معلومة ما  ، وله أهداف هي أكثر تحديداُ من التربية التي هي عملية تتكون من ثلاثة عناصر أساسية هي التكوين والتكيف والإعداد يتضمن كل عنصر منها علماً ، وهي من وجهة نظرنا لها بُعدان  الأول يرتبط بالغرائز ، والثاني بالذات الفردية والجماعية بنطاق ضيق . لكن بني البشر ، بفهمهم القاصر، لهم وجهة نظر أخرى من حيث التسمية والتقسيم، فقالوا عن البعد الأول شهوات وكفى، أما البعد الثاني ففصلوا فيه إلى أنانية وطمع وجشع...الخ مما سنعرض في ثنايا الحديث ، وبناءً عليه اشتقوا مصطلحات مضادة أطلقوا عليها مبادئ أو قيماً تناءى بهم عن كل ما من شأنه جلب المتعة المطلقة والفائدة الخاصة ، وعملُنا مساعدتهم للارتقاء بالفهم لمعرفة ما ينفعهم ، بتحويل هذه المعالم التي سمَّوها مبادئ ، إلى كلمات مفرغة . ولنضرب مثلاً : كل من قرأ خريطة إسبانيا يعلم أن مدريد عاصمة ، فإذا لم يزرها لا تعني له أكثر من مجرد معلومات  سطحية ، ويتم لنا ذلك بتفريغ فاعلية المبدأ من حيث المعنى ، والدفع نحو الحريات ، وتكيفها شخصياً ، فلن يكتسب إنسان صفة إلا بممارستها فترة حتى تصير طبعاً أو ملكة ، وقد يتبادر إلى ذهن أحدكم صعوبة ذلك ، لكن الآلية غاية في البساطة وهي إخضاع القيم للمقاييس الحسية ، ومرايا المنهجية المادية . ونحن ننظر للناس سواسية بلا فروق، فهم كلهم يمتلكون غرائز، ولديهم قيم تتباين تبعاً لمعتقداتهم ، لكن فئات منهم، يسمَّوْن المسلمين، عندهم قيم تنبع من قناعات عقلية ونقلية من دينهم يقولون: إنها منظمة للغرائز والنزعات، وحسب علمنا هي معوقة ومحددة للحريات ، فهم أشبه بعقبة كأداء أمام عملنا ، لذلك كانت ورشتنا هذه لمراجعة واقتراح أساليب عمل أفضل معهم ،وعلماؤهم يحذرونهم منا في خمسة أشياء هي ( الهوى ، والغفلة ، والشهوة، والبدعة ، والشرك ) . بينما نحن نُعرِّفُ هذه المحاور الخمسة كالتالي: (واستخدم التعريف شيطنةً ، وكما هو متعارف عندنا ، ونقصد به ذكاء خاصاً بنا. )

 فالهوى شيطنةً: هو رغبة تنطلق من حاجات نفسية أو جسمية أو الاثنين معاً.

والغفلة شيطنةً: فترة استجمام عقلي لا أكثر.

والشهوة شيطنة: استجابة لدافع غريزي يجب أن ينفذ فوراً.

والبدعة شيطنة : طريقة أو أسلوب يتماشى  مع رغبة كامنة ، من غير إخضاعه لقيود أو ضوابط نقلية .

والشرك شيطنة : قيد غير مرئي سلطه عليهم دينهم ، يفضي إلى بطء في العمل، ناتج عن قلق يلح على إقحام الذات الإلهية في كل خاطر أو قول أو فعل .

ويتم عملنا وفقاً لمجالات التربية المتعارف عليها وهي:

 المهارة المعرفية، والمهارة الوجدانية ، والمهارة الحركية . فعند شهوة ما، نوسوس ( بتكرار )، حتى تستقر في الوجدان فتغدو عاطفة مشبوبة تثار عند رؤية أي منظر أو سماع. كلمة هذه المرحلة تستغرق بعض الوقت لتصل للتنفيذ أو المهارة الحركية. وأقول ختاماً: إن عملنا حقق نجاحات لا يتسع الوقت لذكرها جميعاً، وأكتفي بعبارة موجزة توضح ذلك، كنا قديماً نعمل على تربية أفراد كنماذج للمجتمع، أما الآن فإن المجتمع هو الأنموذج. ولا أريد الإطالة أكثر من ذلك ، تاركاً المجال لضيوفنا الكرام وإضاءتهم المهمة. ومن ثم المجال  للحوار. فليتفضل سيدي بثر مشكوراً .

قام بثر من جلسته ، وارتجل قائلاً :

شكراً سيدي الرئيس ، أود التحدث عن الواقع بعيداً عن التنظير ، لأن في  طرحكم كفاية . عملي وفريقي يعد الأساس للعمل مع بني البشر ، ومع المسلمين خاصة، إننا نهتم بالنفس البشرية كوحدة مركزية ، ثم نعمل ضمن المجالات المحيطة بها، فمن نقطة الدائرة إلى دوائر أوسع، فالنفس ثم الأسرة ومن ثم القبيلة إلى المنطقة...الخ . بمعنى تذكير الإنسان بمصالحه الذاتية الأقرب فالأقرب ، وأهم العوائق اتهامنا بذكاء الأنانية بين بني البشر ، لذلك قُيّم عملنا لديهم بأنه سفلي ، وهذه جدلية بيننا وبينهم لم تُفَضَّ حتى الآن ، فأيهما أفضل : التمتع باللذات وقضاء الأوطار، أم ما  يسمونه "الصالح العام"؟! . وشكراً.

قال رئيس الجلسة : الكلمة الآن لسيدي الأعور فليتفضل مشكوراً .

كان الأعور عجولاً فتحدث بلا مقدمات قائلاً : الإيجابي والسلبي ، والذكر والانثى هي أمور كونية ، فالطبيعة قائمة على الزوجية ، فلا متعة ولا فائدة إلا بالتقاء الضدين وتفاعلهما معاً ، من هنا أنطلق أنا وفريقي. إننا نعمل في قطاع الحريات ، وتحديداً الجسمية التي تنبع من دوافع نفسية ، فأول  تركيز لنا على إبراز المفاتن ، وهو عمل خطَّهُ لنا السيد الوالد ، عندما أقنع أباهم الأكبر وزوجه فنزع عنهما لباسهما ، وأثبت التقدم  والتمدن .

ثمة حاجة للتعامل مع الثياب بنظرة أكثر ذوقية ، حتى أصبح ثمة دور للموضة تديرها شركات عملاقة ، ونعتز أننا نادينا وننادي منذ القدم بإيلاء اهتمام لإبراز المفاتن ، نحن نعمــل في المجال الألذ والأمتع والأكثر طلباً ، وشكراً.

قال الأستاذ الملاحظ العام : الكلمة الآن لناصر الضعفاء سيدي مسوط فليتفضل . تبسم مسوط وقال : إن الحياة من التعقيد بمكان لا ينكره عاقل ، فيها مصالح تتفق أو تتقاطع أو تتضاد ، أي بمعنى حِراكٍ وساحة صراع بشكل أو بآخر، فثمة قوي وضعيف ، بتدرج بينهما بعدد بني البشر، أولى مهامنا نحن تجنب الصدام، فندعو الناس إلى قضاء شوؤنهم خلسة ، لكن بني البشر سمَّوْهُ نجوى ، ونحن نحذر الآخرين عندما نشك في أمر ، وللأسف سمَّوْا ذلك سوء ظن ، والبطء أياً كان مقتل، فندعو للسرعة وسموه أيضاً عجلة ، والصدق الصريح يبدو فجاً أحياناً ومن الحكمة إخفاؤه ، وقائمة الأمثلة تطول ،هذه الإشكاليات أسميها خلافاً مصطلحياً لا أكثر ولا أقل ، فمثلاً قضاء الأمور بالكتمان باتفاق العقلاء أفضل ، والحذر في التعامل من الكياسة ، والتأجيل عديم الجدوى ، وفي المعاريض مندوحة عن الكذب .. وهلم جراً . هذا الذي ذكرته لكم يتفقون عليه فلا مشاحة في المصطلاحات . وشكراً

فتحدث رئيس الجلسة قائلاً : الكلمة الآن لسيدي داسم الناصح والموجه العائلي فليتفضل .

أجال داسم عينيه يمنة ويسرة كأنه يبحث عن شيء ثم استقرت عيناه على عدسة التصوير وظهر رأسه فقط في الصورة ، وقال أنا : أهتم بالعائلة نحو تفاعل بناء، أنا أحب الحيوية وأكره السكون ، أنا أريد المساواة التامة بين الرجال والنساء ، وهل غزا الغربيون الفضاء إلا بعد انعتاقهم من التزامات كثيرة ، وبإيماءاتنا وجدوا ضالتهم بلا تبعات، فتفرغوا للعلم والعمل بعد أن قضوا أوطارهم فسادوا العالم ، أما المسلمون فشغلوا أنفسهم وأتعبوها بحجج واهية ، صيانةً للمجتمع، وحفاظاً على النسل ... فأنا أطمئنهم أن الجنس البشري غير قابل للانقراض ، فهل رأيتم دولة خَلَتْ من سكانها ، وشكراً

وهنا ولأول مرة يعلو المكاء والتصدية .

قال عريف الحفل وهو يصفق بكلتا يديه : شكراً سيدي داسم . الكلمة الآن لملك الأسواق وامبرطور التجارة فليتفضل سيدي زكنبور.

لفت نظري أناقة لباسه وجمال تسريحة شعره ، أمامه على الطاولة هاتف خلوي وجهازحاسوب محمول ، وقال : أرجو أن نقدر ثمن الوقت فوقتنا أثمن من الذهب ، وسأبدأ من الآخِر، كما يقال .

كان المرابي شخصاً منبوذاً سابقاً ، أما الآن فإن من يعمل في بنك ربوي محترم ، ودخل التعامل البنكي سابق الذكر ، إلى كل بقعة في العالم بلا استثناء. هذه نقطة ، والنقطة الأخرى أننا طورنا مفهوم الاستحواذ لإبليسي من منظور تقليدي إلى عمل لا نمطي ، فلدينا الآن شركات متعددة الجنسيات ، وفق رؤى تعتمد دراسات الجدوى ، وكما مشكلات غيرنا نعاني من خلافات مع بني آدم. فبعضهم يرون أن هذه الشركات العملاقة تستنزف مقدرات الشعوب وتقف وراء الحروب، وعملها سفلي، وهي عبارة عن تحريش مطور ، ولا يذكرون الفوائد المترتبة على ذلك من تطور تقني وفَّر على بني البشر الجهد والوقت ، وأناسٍ أَثْرَوا من الحروب...هذا ما أستطيع ذكره في هذه العجالة . وشكراً

قال عريف الجلسة : الآن ننتقل للأسئلة :

* سؤال لسيدي بثر : ما علاقتنا بما تعارف عليه الناس كالنرجسية وانفصام الشخصية ؟.

أجاب بثر نحتاج لطبيب نفساني  ( تعلو الضحكات )، حسناً أما النرجسية فتعد مرضاً مبدؤه من عندنا ربما استطاع قرينٌ السيطرة التامة على قرينه فيدفعه نحو ذلك، لكن ليس هذا هو السبب الوحيد لمن يصاب بهذا، أما انفصام الشخصية فله أسباب عدة قد يكون لنا دور فيها .

·    سؤال يقول : لم نسمع شيئاً عن التبذير والنزغ والمس والاستفزاز فهل هي محض افتراء يرمينا به بنو آدم ؟ . سأجيب أنا فأقول هذه مصطلحات قديمة قد طورناها شكلاً ومضموناً لما رأينا نفور الناس منها ، فمثلاً المس كان الناس يعللون به كل مرض يصيبهم ومع تطور العلم أدركوا أن ثمة أمراضاً عضوية ونفسية لا علاقة لها بنا ، والمس كنا قديماً نصيب به أشخاصاً لهم استعدادات معينة ، أما الآن فقد ضاق مجاله بالنسبة لنا ، فطورنا الأمرإلى مس فكري وعقدي ...الخ .

·           لدي سؤال موجه لسيدي الأعور يقول ما علاقتكم بعيد الحب ؟ .

قال الأعور ضاحكاً: نحن من نطلق سهام الغرام ورماح الصبابة ، فعيد الحب فرصة تذكر الناس بهذه العلاقة الجميلة والخلاقة !. فما أضيع اليوم الذي يمر بإنسان من غير أن يعشق .

·           سؤال لسيدي مسوط هل صحيح أن جميع خلافات بني آدم سببها نحن ؟ .

قال مسوط : طبعاً لا . فالحسد موجود عندهم بدرجات يتحكم بها قربه أو بعده من الالتزام بدينه . والأنانية كذلك .

·           سؤال لسيدي زكنبور. يقال:إننا نخوِّف بني آدم الفقر وندفعه نحو التبذير كيف يتم الجمع بينهما ؟ .

 قال زكنبور : حسب حالة الشخص .

قال عريف الحفل : سؤال عجيب يقول صاحبه : لم تتحدثوا عن التيئيس ؟.

أقول: اليأس أنواع ، وكله مطلوب لدينا الآن اليائس إنسان محبط يسهل توجيهه إلى ما نرى مصلحته فيه.

قال عريف الجلسة يخبرونني أن الوقت يشارف على الانتهاء وأنا أعلم أن ثمة أموراً  لم تستكمل فندعها لورشة أخرى ، ويمكنني القول: إن عملنا مع المسلمين حقق نجاحات ملموسة لها صفة الجمعية، وأدخلْنا مصطلحات جديدة ، واتسع الخرق على الراقع من حكمائهم وعلمائهم وأن عملنا آتى أكله شيطنة، لكننا لا نزال نأمل الكثير وشكراً

قالت : قرينتي أعتقد أني وفيت معك فيما طلبت ،أرجو أن ترد الجميل . علي الذهاب .

قلت : إلى أين ؟ .

قالت : لأحضر مع بعض الصحب النقاش لتقويم الورشة ، فلم أعد أسمع شيئاً .