عمتي النخلة

صالح جبار محمد الخلفاوي

[email protected]

أدركت ان الفرصة لا تتكرر والماضي لا يعود : فعالمها عالم من الاتقاد : إنها لا تعرف غير التواصل الحميم  مع الحياة ..

لديها إصرار على البقاء وهي تتربع على قلوب كثيرة ولها ذكريات لم تنطفئ ..  تكتب دائما في دفتر ملاحظاتها ( يجب ان ابحث عن سري في جميع القلوب , وان اخط بملح العين خرائط للحب لا تنتهي .. )

من يقدر ان يصافح الريح .. ؟!   حين تنساب في وديان الروح .. ومن يستطيع ان يجمع قطرات الماء , لما تندلق بين الأصابع ... إنها حكاية الغرابة التي لا تكذب , ويأكلك الندم حين تصدقها .. !

من يحمل في جنبيه التضاد ؟! ..

عيناها جنيات حقل تسلب الفؤاد من بين مخالب الأضلع .. قلت :

يجب ان ارحل فحبك يجلب الشقاء ...

ضحكت بملء أشداقها , وبكت بحرقة :

لماذا تريد , زرع ألألم في قلبي ؟!

أجبت وقد  انحنيت نحو رأسها المتدلي نحو كتفيها :

لن افعل ذلك ..

رفعت رأسها وتشابكت نظراتنا , وكأننا من زمن بعيد لم تلتقي أعيننا .. شدتني إليها كنت اسمع تنهدا ت صدرها وجذبتني بحرقة وهي تقول :

- لكنك تنوي الرحيل..

في دوامة المشاعر الجارفة يذوب الصمت , ويترك ندبة بحشرجة صوتها المتقطع :

- لنجعل القران شاهدا ..

صحوت من رقادي , على صدى لوعتها حين تصافح مسامعي , وانثيال لهفتها لما تنحني بدون استئذان ...

ليهجع قلبي , على صوت الفجيعة  :    

- سيدتي .. لماذا تفكرين بهذا الوجع .. ؟ !

لفنا دثار التوهج .. ومضت مبتعدة , كنت أتابع سيرها , وهي تمضي نحو باب الدار , لتختفي بعدها ..

 فكرت بالنهوض والجلوس جوار عمتي النخلة ..  

منتصبة وسط الدار بجذعها الفارع , تلمست اثر ( الكرب ) الخشن أحسستها , تعاني الوحدة

وتشكو لمن يدنوا منها , ثقل الفراق ..

 - عمتي الحنون , احملي ملح دموعي , خذيه زاد للتبرك , ولا تبخلي عليه بالرطب .. يا      عمتي .. لا أستطيع هزك لكني احلم بالرطب الجني .. من زمن الأولياء الصالحين , والى ألان , بقينا نتطلع لقوامك الذي لا ينحني ..

 أوقدت شمعة , عند حافة النخلة , لعلي أنال مرادي ..  لكني لم استطع المكوث فالنخلة تعجز عن الرحيل , وتبقى دائما , وسط الدار منتصبة .

مضت أربعين ليلة , وقفت مذهولا , في الحوش, فلم تعد النخلة تتوسط الدار , لقد اقتلعت , لاشي ء سوى كومة ملح وصحن يحوي ( رطباَ جنيا .. ) فبكيت عمتي النخلة..و جاءت من تخط خرائط الحب تحمل,

( القران ) ملفوفا بخرقة خضراء .. جلست قبالتي , والدموع في عينيها :  

- حاولت مسح الدموع بكفي وقلت

- ما يبكيك .. إلا ترين .. النخلة قد رحلت .. ؟!

بهدؤها الحزين شهقت :

- لقد أصابها المرض .. وأكلت الأرضة أحشائها ..

- لم جئت حاملة , ( القران) ..؟ 

-  لأجل ان اقسم لك بان لا ترحل .. كوني على يقين , فجميعنا على رحيل ..

تقدمت صوبي , أحسست بحرارة أنفاسها , تحرق شمع صبري وهي تقول :

- لم اقصد الموت ..

دفعت بقدمي , ذرات الملح , المكومة  مكان النخلة المقطوعة وشاهدت أثار الشموع , التي أوقدتها ..

لعلي أحظى بمرادي .. ويتساقط الرطب الجني ..

               

*السيرة الذاتية

الاسم الكامل  - صالح جبار محمد الخلفاوي

اسم الشهرة – صالح جبار

مكان وتاريخ الميلاد – بغداد – 1954 / 16 /تشرين الثاني / نوفمبر 

البلد – العراق

التخصص الجامعي – دبلوم – سياحة

التخصص الأدبي – قاص وروائي

البريد الالكتروني – [email protected]

المؤلفات /

اسم الكتاب /  سأمضي      ******  صلاة الليل

نوع ا لكتاب / رواية        ******    مجموعة قصصية

مكان وتاريخ صدوره /   الرواية – 2004 *** المجموعة القصصية – 2005 ( بغداد )

الناشر – المنتدى الثقافي العام

عدد الأجزاء /  جزء واحد

الجوائز التي حصلت عليها / شهادة تقديرية من الملتقى الثقافي العراقي الأول

اسم الموقع الشخصي / موقع فرعي في ( الحوار المتمدن ) باسم ( صالح جبار )

الاتحادات الأدبية والفكرية المنتمي لها / الاتحاد العام للكتاب والأدباء في العراق