الموظفة الشبح
إيمان شراب
[email protected]
المروءة ..المفاجأة ..أنتِ ..اسم الطالبة ..أرجوكِ .
أترون رابطا بين ما سبق ؟ قد تجدون رابطا أو أكثر ، وأنا أزيدكم رابطا آخر :
إنها الكلمات التي أملتها مسؤولة في إحدى المدارس ، تختبر من خلالها المتقدمة
للوظيفة تمتحن بها قدراتها في مادة الإملاء !! ثم ناولتها بعد هذا الاختبار(الصعب)
، كتابا لتقرأ منه نصا حددته لها !
قالت لها بعد ذلك : ما شاء الله ، ممتاز .
وأعقبت ذلك نظرة سريعة إلى سيرة المتقدمة الذاتية ، والتي لخصت فيها خبرات ومواهب
في شتى المجالات، وإبداعات وإنجازات سطرتها على صفحات أيام طوال زاد عددها على
عشرين عاما .
ختمت المسؤولة المقابلة سريعا بوعد محرَج بالاتصال عند حاجتهم ! ولكن المتقدمة شعرت
بأنه لا توظيف ، فسألت : هل حقا ستتصلون ؟
فأجابتها : الحقيقة لا نوظف من لا ينتمين إلى مجموعة السين ! وأستغرب كيف كنت
تعملين حتى عهد قريب مع أن قرار المنع بتوظيف غير السين قرار قديم ، منذ سنوات
طويلة !
أجابت المتقدمة : لأن لي رزقا ، فسهل الله الأسباب لأحصل عليه .. ومع ذلك فإنني كنت
أعمل في ظروف وأحوال تشعرني كل لحظة بالعنصرية والظلم ! ممنوع عليّ أن أوقع حضوري
أو انصرافي مع الباقيات ، وغير مسموح لي بلقاء أيٍّ من المسؤولين من الوزارة فلا
يرونني ولا يتابعون أعمالي فأنا غير موجودة بالنسبة لهم أي : شبح ! وإن حدث وأتوا
فعليّ أن أختبئ أو أغادر إلى بيتي ! وممنوع عليّ أن أوقع على شيء حتى أعمالي
وتقاريري ، والشعار الذي تهوّن به عليّ الإدارة : لا بأس فأنت أفضل منا جميعا لأن
عملك خالص لله!
سألت المسؤولة : ولماذا تركت عملك عندهم ؟
قالت : تغيرت المديرة !
قالت المسؤولة بنبرة إشفاق : (ربنا يسهل لك) !
انتفضت المتقدمة ، ولم تستطع أن تكبح غضبها ، وأجابت : لست أتسول حتى تقولي مثل هذا
الكلام ، ولعل سيرتي الذاتية أخبرتك ما أنا ومن أنا ! إنني أرغب في العمل لأن في
داخلي طاقة وفي رأسي أفكارا غير عادية ، وأبحث عن ميدان للتنفيذ ، وإن كان هناك من
سيستفيد أكثر من الآخر، فإنه أنتم كمؤسسة ! أيّ عقلية هذه التي ترفض أن تستفيد من
خبرة إنسان مبدع لأنه ليس( سين ) ؟ مضطرة لأقول لك إنني خلال سنوات عملي أعطيت
لأنني أحب العطاء دون أن أنظر إلى مال ولا إلى كثير ِ حقوق ؟ أعطيتُ بعشق وسعادة
ودون حساب ! وكنت السباقة في اكتشاف الكثير من نظريات التعليم وأساليبه التي أراها
الآن وبعد سنوات تعطى في دورات ، وكم اجتمع عندي في الصف العشرات من المعلمات
والإداريات وحتى المشرفات ليتعلمن - طبعا لأنه كان مسموحا لأمثالنا الصاد والعين
و... بالعمل وقتها - ! ولم تقدم لي الوزارة شهادة تقدير أو شكر واحدة ! وفي المقابل
تقدم أيّ سين درسا تعليميا فيه عيوب وثغرات وأجده دون المستوى ، فتقدّم لها الوزارة
خطابات الشكر والثناء في حفل تكريم !!
أخبريني : ألم تُـثر سيرتي التي بين يديك فضولا لتجريبي ؟ قد تجدون ما يروق لكم !
أو قد يكون في الأمر مبالغة مني ! هه ، كم أبدو مضحكة ! نسيت أن كل ذلك لا يعني
أحدا في شيء ، ولو كان هناك من يهتم ما حوصرت غزة كل هذه السنين ، ولما تجرّأ
اليهود لاحتلال مساجد المسلمين وبناء كنسهم ! أهـْذي ؟ اختلطت الأمور عندي ؟
بعد هذه المحاضرة المرتجلة وقفت المتقدّمة منهية المقابلة : أتدرين يا أختي ؟ لقد
قلـّبتُ على نفسي المواجع والآلام . لا أريد عملا .. خطت خطوتين مغادرة ، ثم عادت :
شكرا لك أختي لأنك أعطيتني من وقتك ، وبإذن الله سأجد متنفسا لأفكاري ومخرجا لحماسي
ولن أعجز ، ولكنني لن أعمل بطريقة الشبح مرة أخرى .