الطيّب له الطيّبات

    من قصص التراث الشعبي الفلسطيني

الطيّب له الطيّبات

تحسين أبو عاصي

– غزة فلسطين –

[email protected]

مرض ملك مرضا شديدا ، وعجز جميع الأطباء عن علاجه ، وازدادت صحته سوءا على سوء .

علم بمرضه جميع سكان المملكة ، وانتشر أمره بين الناس ، فلا علاج له ، وهو لا محالة سيموت بمرضه هذا .

وعلى أطراف مدينة الملك ، كان فقير يعمل بستانيا عند أحد الأثرياء ، وأثناء عمله وقعت عينه على حبة تفاح فوق شجرة ، خالية من ثمار التفاح ، باستثناء تلك الحبة .

قال في نفسه : هذه الحبة سوف تكون بإذن الله علاجا للملك من مرضه ، قطفها ثم ذهب بها إلى الملك ، وعندما وصل القصر منعه الحرس من الدخول ، فهو رجل فقير معدم ذو ثياب رثَّة بالية ، ولا يستحق مقابلة الملك .

 أصرّ الرجل على الدخول ، وشرح لرجال حراسة القصر ، أنه يملك له علاجا شافيا .

 قال له الحرس : أيها الصعلوك : إن كان علاجك هذا لا يشف الملك من مرضه فسوف نقطع رأسك ، فقد أحضرنا له كل أطباء الدنيا وعجزوا عن علاجه !!! .

 وافق الفقير على ذلك ودخل إلى الملك قائلا له : يا ملك الزمان : إنك سوف تشفى من مرضك بإذن الله ؛ إن أكلت هذه التفاحة ، متوكلا على الله ، واثقا بأن الله سوف يشفيك عن طريقها .

 وافق الملك فأكل التفاحة ونفسه مطمئنة واثقة ، وبدأت صحته تتحسّن تدريجيا حتى شفي تماما من جميع أمراضه ؛ فطلب الملك من حاشيته أن يُحضروا له الفقير .

 وقف الفقير بين يدي الملك وقال لحاشيته : أعطوه كل شيء يتمناه من مال ومن ملك حتى لو طلب منكم قصري هذا أو طلب وزارة من وزاراتي .

 أخذته حاشية الملك الفقير؛ لتعطيه ما يطلب ويتمنى ، وعرضوا عليه قصرا فاخرا ، ولكن الفقير رفض ، ثم عرضوا عليه بساتينا وأموالا ، ولكنه رفض أيضا ، ثم قال الفقير لحاشية الملك : هل بقي من مُلك الملك شيئا لم أره بعد ؟

قالوا نعم : بقي قصر للملك في وسط البحر .

قال أريد أن أدخله وأُعاينه .

دخل الجميع القصر ؛ فوقعت عينه على زجاجة عطر، من العطر الملكي الثمين ، قال : أريد هذه الزجاجة ولا شيء غيرها .

 تعجّب الجميع من صنعه ، كيف يترك القصور والبساتين والأموال والخيرات ويرضى بتلك الزجاجة ، التي لا تساوي شيئا ، أمام ذلك العز والمال والمُلك والثراء .

 علم الملك بطلب الفقير ووافق عليه ، ثم أمر بحاشيته أن تراقب الفقير .

 ذهب الفقير ومن معه من رجالات الملك إلى الشجرة التي كانت تحضن في أعلاها ثمرة التفاح التي عالج بها الملك ، وفتح زجاجة العطر ثم سكبها عند جذع الشجرة وعلى أغصانها وأوراقها .

 علم الملك بما فعل الرجل وطلب بأن يمثل بين يديه ، سأل الملك الفقير : لماذا فعلت ذلك ؟

قال الفقير للملك : يا جلالة الملك المعظم :إنما جزاء الطيب أن نقدم له  طيب مثله . ويسلم لي القارئ يا رب.