التعاون

قصة للأطفال

جميل السلحوت

[email protected]

اصطف الأبناء حول المائدة ، سكبت الأم الطعام في الصحـون ، وتناول كلّ واحد منهم طعامه ، وبعدها حملت مشاعل ولبنى صحنيهما إلى المطبخ... وحملت الأم صحنها... وقامت مشاعل بجلي الصحـون في المطبخ ، في حين قامت لبنى بتنظيف المائدة... أما نزار فقد أكل....وشرب كوب ماء....ثم قام وغسل يديه، وعاد يجلس على أريكة وثيرة يتـثاءب بعد أن غلبه النعاس .

سألت لبنى نزار : لماذا لا تحمل صحنك إلى المطبخ وتغسله ؟؟

فأجابها نزار متسائلاً : ولماذا لا تحملينه أنتِ أو مشاعل أو أمي ؟

فقالت لبنى : ولكن صاحب الحاجة أحق بحملها .

قال نزار : الأعمال المنزلية من اختصاص النساء، وأنا رجل مثل أبي ، فأبي يعود من العمل إلى البيت متعباً..... وينتظر حتى تعود أمّي من عملها ، فتحضر الطعام ، ويأكل ، وينام بعد الغداء ليستريح... في حين تقوم أمّي بجلي الصحـون ، وكنس البيت ومسحه ، وغسل الملابس ، وتقوم بكل الأعمال المنزلية .

قالت لبنى : أمّي تعمل وتتعب مثل أبي... وتعود إلى البيت لتحضر لنا الطعام وكل ما نحتاجه، ومن حقها علينا أن نساعدها .

قال نزار : تعلمت في المدرسة أن أبي حازم حازم، وأمي مدبرة مدبـرة.... وهكذا فإن عليها تدبير شؤون المنزل .

وهنا تدخلت مشاعل في النقاش وقالت: أمّي تدبر شؤون المنزل، ولكنها إنسانة مثلك ومثل أبي، ومن حقها علينا أن نساعدها.

قال نزار اذن ساعديها أنت ولبنى .

قالت مشاعل ولبنى : نحن نساعدها وعليك أنت أيضاً أن تساعدها وعلى أبي أن يساعدها أيضاً .

قال نزار : قلت لكما أنني رجل مثل أبي، والرجال لا يقومون بالأعمال المنزلية.

كانت الأمّ تستمع لنقاش أبنائها مذهولة... وهنا تدخلت وقالت : يا أبنائي لا تنسوا أننا أسرة واحدة... وعلينا أن نكون متحابيـن... وأن نساعد بعضنا البعض .

 فقال نزار : نعم نتعاون كلّ في مجال اختصاصه ، فللرجال أعمالهم وللنساء أعمالهن .

قالت الأم ساخرة : ما هي أعمال الرجال؟ وما هي أعمال النساء ؟

وقبل أن يجيب نزار علا صوت الأب من غرفة النوم قائلاً : يا امرأة ، لا تفسدي الولد ، نزار رجل، ويجب أن يبقى رجلا.

فقاطعته الأمّ قائلة : وهل أريده أن يكون غير ذلك ؟ إنّه ابني وفلذة كبدي، وأريده أن يكون رجلاً ناجحاً .

غضب الأب وقال : غدا سيكبر... وسيتزوج... ولا أريده أن يتعود على الأعمال المنزلية كي لا يكون محكوماً لامرأته ، وإذا كنت حريصة على أبنائك فعلمي بناتك الأعمال المنزلية كي يسترهن أزواجهن عندما يكبرن ويتزوجن .

وفي هذه الأثناء شعرت مشاعل ولبنى بظلم الأب وانحيازه لنـزار... نزلت دموعهما على وجنتيهما... فالتفتت إليهما الأمّ وسألتهما عن سبب بكائهما .

فقالت مشاعل : أنا وشقيقتي لبنى سنساعدك يا أمّي في أعمال البيت، لأنكِ أمّنا، ونحن نحبك، وسنقدم أية خدمة لأبينا لأن طاعة الوالدين من طاعة الله ، أما نزار فلن نساعده لأننا نحبه... ولا نريد له أن يكون فاشلا في حياته... فالذي لا يتعاون مع زوجته وأبنائه وشقيقاته هو إنسان فاشل ، والرسول صلّى الله عليه وسلم يقول : " خيركم خيـركم لأهله وأنا خيـركم لأهلي " .

تأثر نزار كثيرا من كلام شقيقتيه لبنى ومشاعل وقال : وبما أنني أريد أن أكون خيّراً، ولأنني أحب أمّي وشقيقاتي، فإنني منذ الآن سأرتب سريري كل صباح... وسأغسل الصحون بعد الأكل ....وسأكنس البيت عندما يكون عندي وقت لذلك .

ضحكت شقيقتاه  تأييدا له وقالت الأمّ : الله يرضى عليك يا بني ، في حين علت تكشيرة وجه الأب. .