أحاسيس تائهة 1
أحاسيس تائهة...
الحلقة (1)
خاشع رشيد (بيكَس رشيد)
كلّ الضّوء بعيدٌ عن الأعين، كلّ الضّوء في يدي. ربما الكلّ في ظلمات!!!
الأرض حائرةٌ والسّماوات في استعدادٍ قلق، تشبك رموشها بشكل محكم، تغطّي كلّ الكواكب الموجودة في أعينها تخلخلاً مخفيّاً منهزماً.
كلّ شيءٍ في هذه الّلحظة غير واضحٍ، لا علم لأحد ـ حتى القيامة الدّنيوية والقائمون بها ـ بما يحدث على تلك الّلوحة الصّغيرة، وتلك النّظرات العرجة التي تشحذ الأيّام لعيونها، وتلك الصّفعة التّائهة وذلك المقعد وتلك الطّاولة، وسلّة سباق اليأس والأشجار وووو...
ومحاولات الفصل عن النّفس، ونسيان الطّرق والمسارات الخياليّة وأنا... وهذا وهذه، وأخيراً أنت.
هذه الصّورة تتوحّم بين أصابعي وعلى صدري وفي عيوني المشنوقة بحبالٍ من حواجب باترة، وهذا المشهد الطّويل كعمري الخالد إلى أين أسيّره؟!...
هكذا يبدوا للعالم والنّجوم تنهمر من أسطحي وأنا أسيل وأندفع من أرضيتي السّوداء. في هذه الّلحظة وأنا في خيال حقيقتي المسروقة، أجعلكم تجمعون أوراقي وأنفاس أوساطي من ظل زقاقٍ يحضن أكثر من عاهرة مجازيّة تحيا لجرّ مسامير مختلفة الانحرافات عن قلمٍ ساكنٍ في الإنسانية، وفي قلبي.
كلّ الأوراق ملصقة على جدران المقابر ومزيّنة بسمرٍ آخريٍّ كنت سأجعله لليلٍ حسابيٍ مزدحمٍ بالملائكة.
يا أنا... ماذا فعلت؟؟
قد هرست هذين بين أناملي وأنا أيضاً في تعجّبٍ لا واعٍ، كيف نسيت أنها ستخضّ أنوثتها له، وتكفّرني بوجودي وبماهيّتي المنقرضة؟!!
أنا أفعل كما يأملان، أملأ كلّ مكانٍ وأقبع في أجنحة الوحدانية، وأجعل الأنهار تسير مخالفة لذاتها، وأبتسم للجفاء والشّقاوة وتراجيدية الدّاخل، وللمجاري الواصلة بين الأعين والشّفاه.
تأمّل نفسه لسنوات قصيرةٍ، نهض واختلاف الرّوائح تودّعه، رماه انتظاره المتعفّن منذ ولادته إلى تناقضٍ دائريٍّ بزوايا تركت أسمائها. هناك في القريب المخترق والملامس لأنيني لم أشأ إلا أن أكون أوّل من يطمرون آهاتهم خوفاً، ليستطيعوا أن يمدّوا بعض الجّباه بآمال مؤلمة.
وقف مرتعشاً لهول ما رآه من خارجيةٍ مسيطرةٍ بشكلٍ لاشعوريٍ مطلقٍ على رياض السّعادة، فجأةً انقشع ما كان يحيط بها، مدّ هو يده وبشكلٍ لاشعوريٍ إلى صدره عسى أن يستطيع إعادة إحياء أنفاسه من جديد. بدأت يداه تفرغ كلّ شيءٍ من أعماقه ثمّ من كامل جسده ومن جيوبه وأثره وأحلامه وأيّامه.
لحظات قصيرة جدّاً مضت، بسط يده إليها لم تكن اليد تحمل شيئاً سوى " أحبّك ". هنا بدأت حوادث أقصوصة عاقّة عن مقدرته...