لن تصرخ كوثر بعد اليوم
لن تصرخ كوثر بعد اليوم
أسامة رقيعة
أصوات رهيبة تزمجر ..
كأن أبواب الجحيم قد أخذت تصطك لتنفتح على مصراعيها ، وكوثر لا تدري ما يجري حولها فقد كانت دون السابعة في عالم لم يبلغ الحلم بعد .
كثيرا ما سألت كوثر أخيها محارب.. ما هذه الأصوات ؟ .. لماذا تمطر السماء نارا ؟ لماذا تتهدم البيوت وتتناثر الأشلاء ؟
فيقول لها محارب وهو يهدي من روعها : لا ياصغيرتي إن السماء لا تمطر نارا ، ولكن الكبار يلعبون ، فيصمت محارب وتصمت كوثر وهي لا تفهم لماذا يلعب الكبار بكرات من نار ؟ ويزمجرون كالجحيم ؟ أهم يعشقون الموت ؟!
واليوم وفي خضم الخوف لم يكن أمام كوثر الصغيرة سوى سريرها الخشبي المتهالك ، لتختبي تحته من أصوات الجحيم ، فقد غاب عنها محارب منذ أيام و سكتت عنها أمها قبل لحظات بعد أن انقلعت عليها قطع من دخان وخشب فتسربل جسمها بلون قاني لا يعترف بالأمومة .
أخذت كوثر وهي تحت سريرها ترتعد من الخوف وهي تصرخ ..أنقذونا .. أنقذونا .. أنقذونا
ولكن لم يكن هناك من مجيب ..
وتعبت كوثر من الصراخ ..
وتجمد إحساسها بالخوف ..
وغابت عن الوعي فترة ثم نامت ..
وفي النوم كانت تحلم، بان هناك رجال بيض الملامح ، والملابس ، والقلوب يأخذونها و يربتون على قلبها ويقولون : لا تخافي سوف تسكت زمجرة الجحيم ، فتضحك كوثر ملء فيها في منامها .
غير أن منام كوثر لم يكتمل لان الكبار ظلوا يلعبون..