هل أتصل بها؟

”من يوميات امرأة محاصرة”

سما حسن -فلسطين 

في اليوم الأخير من رمضان، قررت أن أزور مصففة الشعر التي افتتحت محلا قريبا من منزلي، أمام إلحاح صغيراتي على ضرورة تجديد” النيولوك” لهن ولي، طبعا وافقت أمام حبي لهن، رغم أن الميزانية لم تكن لتسمح  كالعادة……..

وذهبت وبدأت مرحلة التعارف الأولى بأن أخبرتها بكنيتي، وما إن بدأت أصابعها تعبث بخصلات شعري حتى بدأت في الثرثرة على غرار الحلاقين الذين نراهم في الأفلام المصرية القديمة، ذكرتني ببشارة واكيم في فيلم لو كنت غني، خاصة أنها وعلى رغم صغر سنها بدأت تتحسر على زمان وأيام زمان……..

وصلنا للمعلومات الشخصية عنها فإذا بها تخبرني باسمها كاملا حتى الجد الرابع، وهنا هتفت وأنا أخلص إحدى خصلات شعري المستنجدة من قسوة مشطها: اذن فأنت تعرفين فلانة؟

ردت وهي تجذب الخصلة مستنكرة والتي أفلتت  هاربة منها: طبعا………..هي بنت عمي………

طفقت تمصمص شفاهها، وتهز رأسها وهي تتحسر على حظ فلانة، ونصيبها…….

عادت بي الذاكرة وأنا أسترخي على كرسي” الحلاق” لسنوات مصت، وبالتحديد قبل خمسة عشر عاما من الآن، كانت جارتي وصديقتي رغم أنها تكبرني بأعوام قليلة، أحبت ابن عمها  وقررت الارتباط به رغم معارضة أهلها، وحين تمت الخطبة التي امتدت عاما في رحلة بحث محمومة عن بيت لهما، وجد الشيطان لعلاقتهما البريئة طريقا ليحولها من علاقة حب طاهرة، إلى علاقة آثمة أثمرت طفلا في أحشائها، فكان لابد أن يتزوجا بسرعة درء لظهور بطنها المكورة التي ستنبيء بالجريمة…….

الغريب أنه لم يتخل عنها ولم ينكر فعلته، وسارع بالاستدانة والإقتراض ليداري جريمته ويسترها، وفي غضون ايام قليلة كانا قد تزوجا وبعد سبعة أشهر من الزواج جاءت ابنتها الجميلة……..

ولكن الأغرب أن ابن العم والزوج والحبيب قد تحول إلى كتلة نارية من الشك، أصبح يحاصرها بشكوكه، ويعود من عمله في أوقات غير مناسبة، ويبحث خلفها، ويفتش في حقيبتها……..

واستمر به الحال من الشكوك والظنون حتى بعد أن أنجبت منه ثلاثة أطفال على مدى سنوات ثلاثة أيضا، حتى بلغ بها السيل إلى زباه الأخير، وقررت أن تطلب منه الطلاق………

لم أعد أحتمل شكوكه…….

هكذا قالت……..

ثم بكت: صارحني بكل مافي صدره: طالما سلّمت لي نفسك في الحرام، فمن السهل أن تفعلي ذلك ثانية وثالثة؟؟

سنوات كثيرة مرت على طلاقهما، تزوج هو خلالها بأخرى وأنجب الكثير من الأولاد ونسي كل شيء عنها

هي احتضنت صغارها وأكملت تعليمها الجامعي وأصبحت موظفة في دائرة حكومية……..

ولكنها لم تتزوج……….

هذه قصتها، وحين سردتها لنفسي وأنا أستعرض احداثها التي عايشتها كانت المصففة قد أتت على كامل شعري……….

جذبا وتقطيعا وتشويها……….

طلبت منها رقم هاتفها………..

وحين عدت للبيت، هاتفتها بلهفة………

وأخبرتها عن نفسي القليل، وسألتها عن نفسها فأجابت  بصوت كأنه يأتي من قرون غابرة

صوتها كان حزينا

قاتما

ومتألما

قالت: حرمت الرجا ل على نفسي………..

هونت عليها ، ووعدتها بالاتصال ثانية

ولكني لم أفعل

لماذا لم أفعل؟

لأني أكره عجزي أمام أمثالها

أكره وقوفي أمام ضحايا الرجال وأنا واحدة منهم بالطبع

كل يوم أمسك بهاتفي

وأفكر…………” هل أتصل بها؟؟؟؟؟؟؟؟؟

ما رأيكم

سما