توجيهي

  توجيهي

نعيم الغول

[email protected]

البيت حجرتان وصالة.

حجرة ينحشر فيها الأولاد والبنات ، وحجرة ينحشر فيها الأب، والأم، وجنينها، ورضيعها.

في الصالة ينحشر الجميع.

في الصالة جلس الأب مقتحما عظام رقبة ولده القادم للتو من امتحان الثانوية العامة لمادة الرياضيات.

" حل الأسئلة مرة أخرى ، وأفهمني أين الغلط." قال الأب وهو يشفط سيجارته مستنجدا بها أن تبقيه حيا حتى يطمئنه ولده أن كل شيء على ما يرام، وأن آماله غير قابلة للتبخر.

انهمك الابن في حل السؤال الأول ، فالثاني فالثالث، وقفز عن الرابع، وأجاب نصف الخامس، وسلم الورقة لأبيه، وما يزال هناك الكثير من الأسئلة .

" هكذا أجبت." صوته كان مختنقا.

نظر الأب في الورقة كما ينظر إلى برقية. احمرت عيناه ، وصاح من أعماقه:" حمار مثل أبيك. كم دعوت الله أن أكون آخر حمار في العائلة. يا الهي ما هذا العِرقُ الذي لا يجف."

يده سبقته إلى خد ابنه.

البيت حجرتان وصالة.

 في الصالة تكوم الأولاد والبنات في ركن منتظرين أن تبدأ حفلة الجَلدِ بالجملة التي تتم في مناسبات كهذه.

في إحدى الحجرتين  ألقى الابن رأسه على صدر أمه العريض وبكى.

في الحجرة الثانية انتظر الأب الأم قليلا ،وحين لم تأت نظر إلى الحزام الجِلدي الذي ورثه والده عن جده . ألقاه بعيدا، وجلس على حافة السرير ،و انفجر بالبكاء وحيدا.