فجأة مات .. والسبب ؟؟
فجأة مات .. والسبب ؟؟
أسماء هيتو
تعددت الأسباب .. والموت واحد ..
كلمة نعرفها .. نؤمن بها ..
نراها واقعا أمامنا بتعدد أسباب الموت ..
فلان سكتة قلبية ..
فلان جلطة بالدماغ ..
فلان .. مرض خبيث ..
فلان .. مات بفِراشه ..
مع إشراقةِ أول يوم من أيام رمضان ..
أتانا خبر موته ..
كان بالمستشفى ..
أصيب بجلطتين في القلب ..
ليس كبيرا في السن .. فعمره لا يتجاوز الخامسة والخمسين ..
ولأول مرة أعرف قصته ..
كان شابا .. جميلا جدا .. طويلا أشقر الشعر .. أخضر العينين ..
له ابتسامة ساحرة
( على حسب ما سمعت عنه .. فأنا لم أره يوما ما )
ولأن الجمال قد يكون نقمة على الشخص ..
فقد أورده جماله مهالك كثيرة ..
آخرها .. أو أولها .. سيان ..
الحشيش ( أبعدنا الله عن الحرام وأبعده عنا ) ..
ومع الحشيش .. تسكع بالشوارع هنا وهناك ..
وتبعات التسكع في الشوارع أيضا ..
على الطرف الآخر .. كانت امرأة ..
لا تملك من آيات الجمال شيئا ..
متزوجة .. ولها خمسة أولاد ..
أكبر من هذا الشاب بسنوات عديدة طويلة ..
ومؤكد أنها وبعد أطفال خمسة لم تعد ببريقها أيام صباها ..
وقعت عينها عليه .. أحبته .. أغرمت به .. عشقته ..
وباتت تفكر ليلها ونهارها كيف تصل إليه ..
تعرضت له في طريقه ..
وبدأت مشوار الحب معه ..
ويوما .. بعد يوم ..
أحبها .. أسرته بكلامها ..
فهو الشّاب الأعزب .. الذي لا يعرف المرأة حق المعرفة ..
فمعرفة الشيء تأتي بمعاشرته ومخالطته ..
أصبحت الأولى في قلبه ..
وهي بمعرفتها للرجل معرفة قوية ..
استطاعت أن تمسكه من نقطة ضعفه ..
وتأسره ..
بدأت باختلاق المشاكل مع زوجها ..
إلى أن اكتشف خيانتها له أخيرا ..
وطلقها ..
رمت أبناءها إليه .. فهي لا تريدهم ..
تريد أن تنجب من ذلك الاب الوسيم أطفالا آخرين ..
ثار أهلها عليها ..
توعدها إخوانها بالقتل إن هي تزوجت من ذلك الشاب الهالك ..
تترك رجلا سويا محترما خلوقا ..
لتذهب إلى رجل سمعته في الحضيض !!
لم تأبه بكل التهديدات ..
لمَّت أغراضها .. وهربت إليه ..
هربا .. وتزوجا .. وعاشت بعيدة عن أهلها ..
إلى أن رضخوا للأمر الواقع ..
عاشت معه سعيدة رغم ما خلفته من آلام وراءها ..
زوج مقهور .. وأبناء لا ذنب لهم .. وأهل أراقت ماء وجههم
أمام أهل المدينة وأهل الحي ..
فما عادوا يملكون جرأة للنظر في وجوه الآخرين ..
الناس لا ترحم أحدا .. شماتة .. واستهزاء بضعف وفشل التربية ..
وليس للتربية ولا للتهذيب أثر إن شذ الغصن عن الفرع ..
لم تأبه لشيء .. إلا لحبها الكبير ..
اعتبرته تضحية من أجل الحبيب ..
حتى العقل .. طوته .. وألقته في أقرب سلة للمهملات القديمة ..
ومرت الأيام .. وأنجبت أطفالا رأت فيهم حبها يولد مرة أخرى ..
كانت بكرها فتاة ( ميّادة ) .. كبرت كزهرة ربيع متفتحة ..
رائعة الجمال كأبيها ..
أحبها هو .. لأنها جزء منه .. ونسخة أخرى عنه ..
وأحبتها هي لحبها للأصل الذي أنجبها .. وتعلقا بها تعلقا كبيرا ..
والأيام تمضي .. وكل يوم نكبر من خلاله أربع وعشرون ساعة ..
ونتغير مع كل ساعة .. ولا نشعر بهذا التغير ..
والآباء .. ما يزالون يروننا صغارا كما لو أن الدهر لا يمشي علينا ..
ولكنها الحياة .. لا تترك شيئا إلا وتــُمر يدها عليه ..
في طريقها إلى مدرستها .. وعودتها منه .. رأته ميَّادة ..
أحبته .. أغرمت به .. فبدأت تزوره في بيته ..
ومرت سنوات ثلاث على علاقتهما ..
من غير أن يتحرك أحد من أهلها لتغيير شيء ..
كانوا يرونها .. فيقولون : نزوة طيش وشباب .. ستنتهي قريبا ..
تقدم لها أبن خالتها ..
شاب محترم مهذب وخلوق ..
كيف تمت الموافقة منها !! لا أحد يعلم ..
إلا أن أمها أخبرتها أن ذلك الشاب الذي تحبه .. ليس إلا حب مراهقة ..
سيزول مع زواجها واستقرارها ..
ولم تعلم ( أن الشبل من ذاك الأسد ) ..
قررت العروس الشابة أن تعقد قرانها فورا على ابن خالتها ..
ولأنه كان مستعجلا .. يريد العودة إلى البلد التي يعمل بها ..
فقد اختصرا الطريق .. وعقدا عقدا شرعيا فقط .. بحفل بسيط ..
من غير تثبيت بمحكمة ..
وعاد ابن خالتها ( كمال ) إلى بلاده ..
يملؤ قلبه حب كبير لها .. فهي فتاته الأولى ..
يموج الشوق في قلبه لرؤيتها .. للحديث معها ..
فقد كانت محط أنظار الجميع .. وفاز هو بها ..
وفي يوم من ذات الأيام السود ..
اتصل بها .. لم ترد عليه .. وإنما ردت عليه خالته ( أمها ) ..
كانت تبكي : ميادة ليست هنا .. من يومين لم نرها ..
إننا نبحث عنها في كل مكان ..
لم تترك لنا ولا أي أثر يدل على مكانها ..
والدها شعر بألم كبير في قلبه .. ولكنه تمالك نفسه ..
ما يزال يبحث عنها ..
ليتك كنت هنا يا كمال لتبحث عنها معنا ..
صمت كمال .. ما استطاع أن ينبس ببنت شفة ..
أغلق سماعة الهاتف ..
وجالت ببالة ألف صورة وصورة سوداء ..
أتراه قد أصابها مكروه !!
وأي مكروه هذا الذي لم يعلم عنه أحد حتى بعد مرور يومين !!
( وكمال هذا ما كان يعرف شيئا عن علاقتها بذلك الشاب ..
أو أنها تحبه .. لا من قريب ولا من بعيد ..
وإلا ما كان أقدم على خطبتها
وعقد قرانه عليها .. وبات ينتظرها بقلب يتقد كالجمر )
في اليوم الثاني جاءه خبر ..
زوج خالته في المستشفى .. مصاب بجلطة في قلبه ..
وخالته في حالة يُرثى لها ..
فهي تستطيع تحمل كل شيء ما عدا
أن ترى زوجها وحبيبها الذي تركت الدنيا كلها
من أجله في حالة خطر ..
توجه كمال بسؤال بريء : كيف حدث هذا ؟
فقالت له خالته وهي تجهش بالبكاء : ميَّادة !!!
- ما بها ؟ أخبريني .. هل حدث لها مكروه لا قدر الله !!؟
- لا .. ولكنها هي مَن أحدثت هذا المكروه بأبيها وبي ..
- !!!!!!!!!
- اليوم أتانا خبر أنها هربت مع مَن تسميه ( حبيبها ) ..
وذهبت معه إلى المحكمة .. وعقدت قرانها هناك .. وتزوجا ..
وهي الآن عنده في البيت ..
كاد أن يُغمَى على كمال في هذه اللحظة ..
كيف تتزوج رجلا آخر وهي على عصمتي شرعا !!؟
قالت خالته : ما أن سمع والدها بهذا الخبر ..
أصابته جلطة في قلبه .. ولكن الله سلَّم الآن ..
إدع له أن يشفيه الله ..
كانت تخشى على قلبها من الانكسار لموت حبيبها وزوجها ..
ولم تفكر بقلب كمال ..
ذلك المسكين الذي تعلق بقشة قصمت ظهره ..
قد تكون ميادة آخر امرأة يثق بها في حياته ..
كيف يكون هذا بحق الله !!؟
لا جواب ..
في اليوم التالي أتاه نعي أبيها ( زوج خالته ) ..
مات .. والسبب : كما تدينُ تـُدان ..