وَعَلَى الْأَرْضِ..السَّلَامْ..

محسن عبد المعطي عبد ربه

محسن عبد المعطي عبد ربه

[email protected]

اَلْأشْجَارُ وَارِفَةٌ تَتَمَايَلُ فُرُوعُهَا وَتَهْتَزُّ بِحَنَانٍ وَرِقَّةْ.

يَهُبُّ عَلَيْهَا النَّسِيمُ الْجَمِيلْ.

اَلْأَشْجَارُ فِي الْحُقُولِ مُتَنَاسِقَةْ .

تَتَنَاسَقُ فِي اهْتِزَازِهَا .

وَكَأَنَّهَا تُسَبِّحُ بِحَمْدِ اللَّهِ الْقَادِرِ الَّذِي خَلَقَ الْكَوْنَ مِنْ عَدَمْ .

كَأَنَّهَا تُرَتِّلُ قَوْلَهُ تَعَالى فِي سُورَةِ الرُّومْ:( فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (17) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ (18) يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ (19) .

 

اَلْفَلَّاحُونَ يَمْشُونَ بِعَرَبَاتِ الْحَمِيرِ الْجَمِيلَةْ

يَحْمِلُونَ أَشْيَاءَهُمْ وَأَمْتِعَتَهُمْ وَطَعَامَهُمْ .

يَذْهَبُونَ إِلَى حُقُولِهِمْ فِي فَرَحٍ وَسَعَادَةْ بِالْخَيْرِ وَزِيَادَةْ .

وَنَبَاتُ الْبَرْسِيمِ يُزْهَى بِخُضْرَتِهْ

وَيَضْرِبُ بِجُذُورِهِ فِي الْأَرْضِ يَزِيدُهَا خِصْباً وَنَمَاءً.

 

وَالْحَمَامُ وَالْبَجَعُ وَالْغِرْبَانُ وَأَبُو قِرْدَانْ .

كُلُّ أَنْوَاعِ الطُّيُورِ الْمُخْتَلِفَةْ .

تَحُطُّ عَلَى نَبَاتِ الْبَرْسِيمْ .

تَنْتَقِي مَا شَاءَ اللَّهُ لَهَا أَنْ تَتَغَذَّى عَلَيْهْ .

وَتَطِيرُ مُرَفْرِفَةً فِي سَعَادَةْ .

تَتَّجِهُ إِلَى اللَّهُ بِالْعِبَادَةْ .

وَأَشْجَارُ النَّخِيلِ تَمْتَلِئُ بِالْبَلَحِ الْأَصْفَرْ .

 

وَالْأَوْلَادُ يُعَاكِسُونَ الْحِمَارَ الْمَرْبُوطْ .

فَيُنَهِّقُ بِصَوْتٍ عَالٍ .

يَجْرِي الْأَوْلَادُ بَعِيداً عَنِ الْحِمَارْ .

فَيَسْكُنُ كَأَنَّهُ يُفَكِّرْ .

يَتَأَمَّلُ فِي أَحْوَالِ الدُّنْيَا وَعَجَائِبِ الْكَوْنْ .

(مَا اهْبَلِ الَّا بَنِي آدَمْ) .

يَهُزُّ رَقَبَتَهُ مُتَابِعاً تَفْكِيرَهُ الْعَجِيبْ .

مُتَوَقِّفاً عَنْ تَنَاوُلِ التِّبْنْ(طَعَامِهِ الْمُفَضَّلْ) .

 

كُلُّ هَذِهِ الْمَنْظُومَةْ .

وَفَرَاشَةُ أُمِّ عَلِي تَطِيرُ فَوْقَ نَبَاتِ الْبَرْسِيمْ .

اَلْعَصَافِيرُ تُتَابِعُ رِحْلَتَهَا

وَالصَّقْرُ يُرَفْرِفُ بِجَنَاحَيْهِ قَادِماً مِنْ بَعِيدْ .

كَأَنَّهُ يُعَبِّرُ عَنْ افْتِتَانِهِ بِقُوَّتِهِ وَجَبَرُوتِهِ وَمَا مَنَحَهُ اللَّهُ مِنْ نِعَمٍ جَمِيلَةٍ يَفُوقُ بِهَا غَيْرَهْ .

 

فَلَّاحٌ يَحْمِلُ فَأْساً صَغِيرَةْ .

يَمْشِي عَلَى حَاجِزِ الْأَرْضْ .

يَتَأَمَّلُهَا .

وَكَأَنَّهُ مِنْ أَمْهَرِ الْمُهَنْدِسِينَ الْمُشْرِفِينَ عَلَى الزِّرَاعَةْ .

 

اَلْعِجْلَةُ تَجْلِسُ فِي اسْتِجْمَامْ

 تَتَنَاوَلُ الْبَرْسِيمَ اللَّذِيذْ .

 

فَلَّاحٌ يَرْكَبُ حِمَارَهْ

 عَابِراً حُقُولَ الْبَرْسِيمِ فِي هُدُوءٍ وَسَكِينَةْ .

وَكَأَنَّهُمَا فِي مِحْرَابٍ لِلْعِبَادَةْ . 

 

أَعْوَادُ الْبَامِيَةِ عَلَى طُولِ حَوَاجِزِ الْبَرْسِيمْ .

كَمْ أَصْبَحْتِ يَا بَامِيَةُ غَالِيَةْ .

وَكَمْ عَزَّ عَلَى بَعْضِ النَّاسِ مِنْ أَهْلِ الْمُدُنِ أَوْ حَتَّى الْقُرَى أَنْ يَتَنَاوَلُوا وَجْبَتَكِ اللَّذِيذَةْ .

كُنْتُ فِي صِغَرِي لَا أُحِبُّكْ .

اَلْآنَ لَكِ مَعَزَّةٌ خَاصَّةٌ فِي نَفْسِي .

فَقَدْ سَمِعْتُ أَنَّكِ تَحْتَوِينَ عَلَى الْحَدِيدِ الَّذِي يُقَوِّي الْجِسْمْ .

سُبْحَانَ اللَّهْ .

صَدَقْتَ يَا رَبِّي وَأَبْدَعْتَ حِينَ قُلْتْ: (وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ (18 (سُورَةِ النَّحْلْ. (

كَمْ خَلَقْتَ مِنْ نَبَاتَاتٍ كَثِيرَةٍ يَأْكُلُهَا الْحَيَوَانْ .

وَخَلَقْتَ نَبَاتَاتٍ أَكْثَرَ يَعِيشُ عَلَيْهَا الْإِنْسَانْ .

سُبْحَانَكَ يَا بَدِيعَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضْ .

يَا مُقَلِّبَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارْ .

إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارْ .

 

أَشْجَارُ عَالِيَةْ .

وَأَشْجَارُ قُطِّعَتْ لِلِاسْتِفَادَةِ مِنْ خَشَبِهَا فِي صُنْعِ الْمُوبِلْيَا وَالْأَثَاثِ لِحُجُرَاتِ النَّوْمِ وَحُجُرَاتِ الْجُلُوسْ فِي بُيُوتِ الْأَغْنِيَاءِ وَالْفُقَرَاءِ وَقُصُورِ الْمُلُوكْ .

 

اَلنِّيلُ الْجَمِيلُ وَسَطَ الْحُقُولْ

لَهُ فُرُوعٌ مِنَ التُّرَعِ الصَّغِيرَةِ وَالْكَبِيرَةْ .

يَشْرَبُ مِنْهُ الْفَلَّاحْ .

وَيَسْقِي مَاشِيَتَهُ وَحَمِيرَهُ وَأَنْعَامَهُ وَخُيُولَهُ وَبِغَالَهْ .

اَلْيَمَامُ يُرَدِّدُ فِي افْتِقَارٍ إِلَى اللَّهِ وَإِعْجَابٍ بِإِبْدَاعِهِ فِي الْكَوْنْ: وَحِّدُوا رَبَّكُمْ وَحِّدُوا رَبَّكُمْ .

كَأَنَّهُ يَدْعُو النَّاسَ إِلَى تَوْحِيدِ اللَّهِ الْوَاحِدِ الْأَحَدِ الْفَرْدِ الصَّمَدِ الَّذِي(لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (٣) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (٤(سُورَةِ الْإِخْلَاصْ) .

عَلَى الْأَرْضِ..السَّلَامْ .

وَعَلَى الدُّنْيَا السَّلَامْ .

وَسُبْحَانَ الْخَالِقْ

 سَمَّى نَفْسَهُ السَّلَامْ .

وَطَلَبَ مِنَ النَّاسِ أَنْ يَعِيشُوا فِي سَلَامْ .

وَيُلْقُوا عَلَى بَعْضِهِمُ السَّلَامْ .