مَوْعِدٌ
مصطفى حمزة
اليوم هو الجمعة ، لم ينم بعدَ صلاة الفجر فموعدُ لقائها الأسبوعيّ بعدَ ساعتين فقط تأمّلَ وجهَهُ في المرآة .. وجهٌ مُهمَلٌ جداً ! كيفَ سيلتقيها به ! وزّعَ المعجونَ على خدّيهِ وراحَ يُمرّر شفرةَ الحلاقة بهدوء في كل اتجاه ، ثم تناول زجاجة العطرِ المُغبَرّة ورطّب خدّيهِ ورقبته . أخرج من الخزانة البدلةَ السوداءَ التي اختارتها له بنفسِها قبلَ سنة ، وارتداها بكلّ أناة فوقَ قميصه الأبيض وعقدَ تحتَ ياقته الربطةَ الخمريّةَ التي أهدَتْها إليه في ذلك اليوم .. ثمّ رطّبَ شعره وسرّحه بهدوءٍ وإتقان ، ولبس الجوربين الأسودين والحذاءَ الأسود قبلَ أن يُلمّعه بفرشاة خاصّة به . نهضَ إلى المزهريّة وأخرج منها باقةَ الزهورِ التي اشتراها لها أمس وقرّبها من أنفه ، ثم أراحها على ذراعه واتجه للقائها .
حينَ وصلَ كانت البوّابةُ الحديديّةُ الكبيرةُ مفتوحة على مصراعَيْها ، ولم يكن ثمة أحدٌ في الداخل ، لكنّه لم يُخامره أدنى شك في أنها تنتظره .. ثمّ رآها في آخر الممرّ الثاني عندَ الشجرة الكبيرة . اقتربَ منها بهدوء ، لا يسمع وقْعَ أقدامِهِ حتى وصلَ إليها فانحنى فوقَها ووضع بينَ يَدَيْها باقةَ الزهور .
جلسَ على حجرٍ صغيرٍ بقربِها ، وأخرج من جيبه مُصحفاً صغيراً ، ومن ثنايا الإجهاش المكبوت خرجت تلاوة عن روحها التي رحلت عنه في شهر العسل !!