علم الاحتلال

عادل العابر - الأحواز المحتلة

[email protected]

كلما نظرت إلى علم الإحتلال الذي يرفرف على عمود كانوا قد أنبتوه وسط حوش الدائرة تنهدت عميقا ثم تمنيت أن يرفرف في مكانه علم حكومتنا المغتصبة ... علم حكومة الأحواز.

ومرت الأيام وباد العلم من تاثير المطر والهواء وحرارة الشمس وكادت أمنيتي تتحقق دون أن أبذل أي جهد لتمزيقه.. ذلك إن تجرأت على تمزيقه!

وكم خططت لأتسلق العمود خفية ثم أنفذ خطتي ... أمزقه أو أشعل النار في زاويته أو ألطخه! ...فتراني أحضر إلى الدائرة مبكراً وأتركها متأخراً باحثاً عن الفرصة المناسبة، ولكنها لم تحن!!

ليس البواب هو السبب، كان المسكين يتركني وحيداً مع العلم ويوصيني أن أخبره عند خروجي كي يؤصد الأبواب. ليس هو السبب بل نفسي الجبانة تقنعني في كل مرة أن لا أعرضها للخطر مقابل مغامرة شبابية لا جدوى للوطن منها (هكذا تعتقد هي)! وأن أقوم بمهمة أكبر يكون لها صدى ليس في الدائرة فحسب بل في كل حوزات الأحواز.

كنت قد تغلبت عليها أكثر من مرة:

مزقت صورة الخميني والخامنائي في مكتبي كلما وجدتهما على الجدار، وكانت في كل مرة تنهاني وتقول لي محذرة: لا تعرض نفسك للخطر، هذه أفعال المراهقين!

مزقت الإبلاغ الذي جاءني من القائم مقام يبلغني الحضور والمراقبة على صناديق الإنتخابات الإيرانية ولم أحضر، وكانت تشجعني أن أحضر!

خرجت ليلاً أوزع نشريات عربية محظورة وكم كانت تخوفني من الإعتقال والسجن، وقد تحديتها وخرجت.

ولكن لم أتغلب عليها هذه المرة وظل العلم يرفرف طويلاً حتى أرثه المطر والشمس والهواء.

قد لا تكون الوسيلة بعض الأحيان مهمة فقد تحققت الغاية.

إنما لم تدم فرحتي!

ففي يوم من الأيام جاء الرئيس بعلم جديد ثم دعانا إلى جلسة في مكتبه وقال:

سنؤدي صباح غد يمين العلم وسنحتفل بتحيته، وبهذه المناسبة المباركة قد دعوت بعضاً من الشخصيات السياسية والحكومية.

ثم كلف كل موظف بمهمة وكانت مهمتي أن أشتري الحلويات وأقدمها بنفسي للضيوف!

  وفي الغد:

لم أشتر الحلويات طبعاً وقد تأخرت ساعة كاملة عن الموعد، ولم أرد على الرئيس مهما اتصل بهاتفي النقال وحين دخلت الدائرة سألني قبل كل شئ عن الحلويات، فقلت له: أرجو العفو.

ولم ينتظر أي تبرير مني وأرسل أحد الموظفين ليشتري الحلويات.

كانت الدائرة مزدحمة، القائم مقام، المندوب، عشرات من قوات التعبئة (البسيج كما يسمونهم في إيران)، تلاميذ لإنشاد الأناشيد الإيرانية!

وكلهم ينظرون إلى العلم الجديد الذي كان يرفرف في الأعلى إلا الرئيس، فقد كان يشفنني ببصره من بعيد!

لم أتحمل المزيد وخرجت من الدائرة بحجة الرد على هاتفي الجوال ولم أعلق أية أهمية لنفسي التي كانت تنهاني من الخروج وتشجعني أن أبقى أنظر إلى العلم وأردد اليمين الذي كان يقرأه أحدهم: أقسم بالله وبكتابه أن أدافع عن أراضي الجمهورية الإسلامية الإيرانية وعن علم حكومتها!

أما أنا فكنت أقسم بالله وبكتابه أني سوف أمزق هذا العلم قريباً،

وسوف أدافع عن أراضي الأحواز المحتلة،

وأسير على منهج الشهداء الذين ضحوا بأنفسهم لأجل العزة الأحوازية،

فيا نفس إرجعي إلى رشدك وكوني مطمئنة لتحظي بجنات الخلد وإلا سترين هل تغلبينني أم سأغلبك.