حكاية الزنبقة والياسمين
سحر حمزة
[email protected]
تعالوا معي يا أحبائي نتابع حكاية الياسمين مع الزنبق ونرى أين وصل الأمر بهما حين أدركت الزنبقة دورها في هذه الحياة ,في كل شيء خلق بالكون حكمة وفي كل فكرة رسالة وفي كل رسالة هدف ,وها هي الزنبقة تكشف عن غيرتها من الياسمين حين بدأت تتسلق جدران الحديقة,,تنمو ، تبعث بشذاها الرائع صباح مساء في حديقة مدرسة الرياحين ،فلاحظت الزنبقة تعلق الجميع بها ,بعض الأطفال يقطفوا زهورها ويجمعوها ليقدموه هدية للمعلمة , وآخرون يحملونه كرمز ويتزينون به في المناسبات وآخرون يجلسون بالقرب منها ليرسموها ,,كانت تنظر الزنبقة إليها بحقد وغيرة كبيرين ,وزادت غيرتها حين رأت الياسمينة وقد إمتدت إلى أعالي سور المدرسة , جراء الرعاية الكبيرة التي تلقاها من الأطفال فيها فمنهم من يسقيها وآخر يساعدها على النمو بحرية فيربط أغصانها بأطراف الحائط كي تتسلق عليه , وثالث يزيل ما علق بها من النفايات المتطايرة ويمسح الغبار عن أطرافها ,,كانت الزنبقة تزداد حقداً كلما راتها تكبر وتنمو وترتفع ,وتدلي بأغصانها على أطراف السور ,وفي يوم من الأيام هبت ريح قوية ,أسقطت بعض أزهار الياسمين على رأس الزنبقة ,فتملكها شعور بأن الياسمين متعمدة في رمي أزهارها عليها فنادت على الياسمينة غاضية وقالت :- أيتها المغرورة المتكبرة .. من تظني نفسك ,ترميني بأزهارك الجافة وتتفاخرين بعلو أغصانك ,, كفاك تفاخراً بأغصانك المتعالية وراء جدران الرياحين .. ودودة ولا تؤذي من حولك فضحكت الياسمين وقالت : سامحك الله أيتها الزنبقة الجميلة .. ما أحلاك وما أروعك وانت تجاورين النرجس والأقحوان والدحنون وتحيط بك الفراش تداعبك طول النهار دون أن يمسك عنفوان الإنسان العابث صبح مساء ، يقطع أوصالك ويشتت أزهارك .. فقالت لها الزنبقة : وكأنك حزينة بهذا أيتها الياسمينة المغرورة .. فأجابتها قائلة : وإن كنت حزينة هل يهمك هذا الأمر فقالت الزنبقة : لا أصدق ما تقولين , فكل الأطفال يحبونك , ويرقصون وفي أياديهم أغصانك وزهورك ,فلما الحزن ؟لأنهم إن إستمروا في قطع أوصالي وقطف زهوري بطريقة خاطئة فسوف يقتلونني وسأموت ,,فقالت الزنبقة هذا هو الأنسان لا يهمه أحد ,فقط يمتع نفسه بجمالنا ولا تهمه حياتنا ,أني لم أدرك أنك تتألمين , وكنت أعتقد أنك سعيدة بهذا فقالت الياسمينة :-وأنت كذلك قد تموتين نتيجة الإهمال وإستهتار بعض العابثين مع انك يافعة متلونة متألقة وذات جمال ساحر يجذب الإنسان ,,قالت الزنبقة :معك حق فأنا على قارعة الطريق تتجاذبني أيدي العابثين وتكسر أغصاني وتدوسني الأقدام دون رأفة أو رحمة .. ومع ذلك أبقى صامتة غير متمردة ,ويكفيني أن يستنشق عبيري الإنسان فأكون قد قمت بواجبي دون حقد أو حسد أو تذمر من أحد .. أعجبت الياسمينة بحديث الزنبقة وقالت لها :- إذاً لكل منا وظائفه وواجبه وعلينا أن تقوم بدورنا بكافة الفصول اتجاه الطبيعة الكريمة التي منحتنا الحياة إياها بقدرة الخالق ,كي نضفي أجواء جميلة على الحديقة التي تجاور مدرسة الرياحين ونشكل لوحة طبيعية تمتع باقي المخلوقات في الطبيعة التي أختص كل منها بدوره لحكمة ربانية ثم انحنت نحو الزنبقة بأغصانها النضرة تداعب وريقاتها وتبعث شذاها في أواصرها , فرقصت الزنبقة مع نسائم عطرها الشذي ولامست أغصانها فأدركت مدى عطاءها وتفانيها في خدمة الطبيعة , وعاهدت نفسها أن تبتعد عن الغيرة من غيرها , فلكل شذاه ورونقه وحكمة في خلقه ,,وما عادت تحسد الياسمينة , بل إجتهدت أن تضفي الجمال على المكان لتعطي مما حباها الله من دقة التصميم وروعة التكوين والمنظر الخلاب لتمتع به من يدرك أهمية الزهور والنباتات في الطبيعة وأدركت الزنبقة أنها واحدة من عائلة الزهور الكبيرة في هذا الكون التي يجب أن تعطي من شذاها من حولها ما ينعش روحه ويبعث السعادة في نفسه حين النظر إلى جمالها وروعة خلقها.
أحبائي :-
كل شيء خلقه الله بمقدار
والطبيعة إذ تتكلم فهي أبلغ من ألف كلمة حين ندرك روعة خلقها وجمالها فسبحان الله
ماما سحر