ليس كلّ من جدّ وجد
ليس كلّ من جدّ وجد
البراء كحيل
بدأ رحلة الحياة بأملٍ كبير وحلمٍ جميل , اجتهد وثابر درس وتفانى في سبيل بلوغ الهدف الأسمى , تعب وسهر الليالي لكن كان يشعر بنشوة عظيمة فتعبه يذوق حلاوته عند كلّ نجاح ويشعر بالسعادة عند كلّ خطوة يتقدمها نحو الغاية المُثلى , ما أجمله من شعور عندما تسير بالطريق المستقيم نحو النهاية السعيدة التي نسجت خيوطها بيدك ورسمت ألوانها بريشتك , لكن !!!
في وسط الطريق وفي قمة الاجتهاد وعندما شارف على تحقيق الحُلم وحين اقترابه من الغاية يظهر في الطريق من يضع العصا بين الدواليب ويعطل حركته ويُوقف تقدمه , تظهر أمامه عقبات وصعوبات لا حلّ لها ولا سبيل للخلاص منها , نعم يحاول ويحاول ويبذل قصارى جهده ولا يقبل أن ييأس ويبقى مفعماً بالأمل ومتسلحاً بالإيمان , لكن كيف يمكن أن تُشيِّد بناءً إن كنت ترفع لبنة وغيرك يهدم لبنات وكيف يمكن أن تكمل المشوار في طريق تعبدّه وغيرك يحفر فيه من قبلك وبعدك , وكيف للحياة أن تسير وفي كلّ دقيقة يظهر همٌّ جديد وظلمٌ شديد وعدوٌ عتيد , هنا مهما حاول وجاهد سيبقى عاجزاً عن إكمال طريق النجاح ويستسلم لصعوبات الحياة ويرفع يديه للظالم معلناً ضياع ربيع العمر وفساد الحلم وفقدان الأمل ولابدّ عندها أن ينزوي في ظلمات الليل باكياً على ذكاءٍ حاد وحلمٍ جميل وطاقة عظيمة كلّها ضاعت وذهبت هباءً منثوراً . يذرف الدموع وهو يقف على الأطلال متذكراً تلك الشهادات التي كان يحلم بتحصيلها وتلك الزوجة التي كان يحلم ببناء عش الزوجية معها وأولئك الأبناء الذين كان يأمل أن يراهم حوله يغمرونه بالسعادة , لكن كلّ هذا ضاع وذهب أدراج الرياح لأنّ الدنيا بمن فيها ظلمته وكتبت عليه أن يدفن كل مواهبه في مقبرة الظلم . عندها أدرك وعلم أنّ العبارة التي كان يحفظها منذ الصغر(من جدّ وجد) ليست صحيحة في كثير من الأحيان .