مشاهد من عرس الدم

مشاهد من عرس الدم

إهداء: لعُيُون غزة

محاسن الحمصي /الأردن

[email protected]

1

 بصقت فتات الخبز، ألقت كيس الطحين، صاحت مختالة:

 - أنا غزة .. أنا العزة. تسترني الأرض،

 تحرسني السماء،

 كفي لا تتسول النقد، أمدّه لكسر القيدِ.

 أصوم الدهر، لا أفتح فمي من جوع

 الظلم كافر، والسجّان جائر

أحمل قلبي أنادي : يا أهل النخوة، للحرية أنا أجوع ....! 

أصدر شيخ العشيرة مرسوما.. من يخرج عن طوعنا، يهدر دمه ويمحى العار !

شحذت الألسنة، استلت السيوف، ويممت القافلة نحو صبية تغسل ضفيرتها المخضبة بالدم في بحر الدموع.

 وقفت منتصبة تلمس البطن المنتفخ، تستقبل الفرسان :

 -أنا المغتصبة أمام أعينكم، العارية تحت خيامكم،

 من هذا الرحم سيولد ثائر، يحمل اسم محارب، وبيده بندقية..

 طأطأ الخيّال رأسه، وأغمد السيف... 

 

ألعاب نارية، بالونات، مفرقعات، رقاع الدعوة تصل الأكابر ..

 هلمّوا، نحتفل بعرس الأصدقاء ..!

 تلاقى العدو مع الصديق، المعتوه و الرزين، الصفيق قاسي القلب مع الرقيق ..

 هتف الجمع : "ما أجمل الشهب المتلألئة في السماء!"، والعروس بثوبها الأحمر تمشي ..

 ووجهها موشوم بحناء بيضاء فسفورية... 

أنهار من البشر الغاضب تصبّ في ساحات مدن القارات الخمس، أصوات تتعالى..

 وصوت ابنة العامين يأتيني بلكنة مكسّرة عبر المسافات

 - جدتي ، تعالي اليوم عندي ، سنخرج غدا

 - وأين تذهبين غدا..؟

 - مسيرة إلى فلسطين.. إلى غزة..

 يضيء الأمل قلبي الحزين، أبتسم، أهمس: الحمد لله.

 بهدوء أغلق الخط : "جيل حفيدتي لن يغلق القضية...".