يوميات الحزن الدامي
جميلة
جميل السلحوت
[email protected]
جميلة زهرة في الخامسة عشرة من عمرها ... براءة الطفولة ترتسم على وجهها ، ويشع
الذكاء من عينيها الكحيلتين، تذهب الى مدرستها حافظة دروسها ،مؤدية لواجباتها
البيتية ، معلماتها سعيدات بها لاجتهادها وحسن أخلاقها ، وهي سعيدة فرحة بهن لكثرة
ثنائهن عليها .... جميلة لها احلامها الخاصة مثل كل الأطفال جميلة تحلم بأن تكمل
دراستها ... وان تلتحق بالجامعة لتدرس الصحافة ..
وعندما سألتها معلمتها عن سبب احلامها واصرارها على دراسة الصحافة ... أجابت جميلة
: أريد ان يعلم اطفال العالم عن مدى الظلم اللاحق بالطفولة في بلادي ولا تتناقله
وسائل الاعلام ... فبعض الاطفال لا يجد حليبا يشربه ...وبعضهم لا يجد خبزا يأكله
... وبعضهم لا يجد ملابس جديدة في العيد ....وبعضهم لا يجد حذاء ينتعله ... وبعضهم
لم يعد له بيت يسكنه بعد هدم منزل اسرته بقذائف الدبابات والطائرات .... وبعضهم
قـُتل جنينا في بطن أمّه ، أو قتل وهو في المهد .
جميلة تكره الظلم والظالمين وتحلم بغد آمن وبسلام ينشر المحبة بين البشر ... جميلة
تحزن كثيرا وتبكي بلوعة... وتحلم احلاما مزعجة عندما ترى على الشاشة الصغيرة اطفالا
عراقيين تتناثر اشلاؤهم جراء تفجير أعمى ... فتتذكر ايمان حجو ابنة الشهور الأربعة
التي قتلت وهي ترضع من صدر أمّها .... جميلة تكره الجنود الذين يقتلون الأطفال ....
وتتمنى الحياة السعيدة لكل أطفال العالم ...
جميلة على قناعة تامة بأن عملها في الصحافة بعد ان تكبر سيوقف قتل الاطفال لأنها
ستفضح القتلة في وسائل الاعلام .... وبالتالي سيهتز ضمير العالم الذي سيضغط على
القتلة ويمنعهم من مواصلة جريمتهم .... جميلة تبني عالمها السعيد في مخيلتها فتبتسم
لهذا العالم الذي تسوده المحبة ....
جميلة تمارس طقوس الطفولة البريئة على سطح منزلها مع أشقائها وشقيقاتها وأبناء
عمومتها الذين يصغرونها عمرا دون خوف من أحد .... فهي لم تعتدي على احد ... ولم
تلحق الأذى بأحد .....
جميلة سمعت هدير طائرة " ف16" امريكية الصنع نظرت اليها ...ابتسم الطيار فقدج رأى
هدفا مميزا... ولم تصح جميلة الا في مستشفى الشفاء وقد فقدت ساقيها ودون أن تعلم أن
شقيقها وشقيقتها وابن عمها فقدوا حياتهم .... بعد ان تمزقت اجسادهم الصغيرة من
الصاروخ الذي حمل ساقيها الى مسافات بعيدة ... جميلة تبتسم بسمة البراءة عندما رأت
نفسها قد اصبحت اكثر قربا من الارض بعد ان فقدت ساقيها .... جميلة والبسمة تعلو
شفتيها تقول انها ستتعلم الصحافة وستعمل كصحفية في البلدان التي يتعرض فيها الأطفال
للقتل ....جميلة تبتسم وتـُبكي بواكيا..