الفراسة
الفراسة
حكاية شعبية
جميل السلحوت
يحكى ان عجوزا أرملا كان يعيش في رعاية ابنائه العشرة، وبعد ان بلغ من العمر عتيا تزوج من أرملة شابة ، وفي الليلة الأولى للزواج عاشرها معاشرة الأزواج ومات في ليلته ، فدفنه القوم . وشاءت الصدف أن حملت الزوجة الشابة من زوجها العجوز الذي توفى ، وبعد اسبوع من ذلك زوجها أهلها من أحد أقاربها دون ان تنقضي عدتها ، وذلك لظنهم ان الزوج العجوز لم يضاجعها ، وعندما وضعت حملها كان طفلا، فنُسب الى زوج أمّه الجديد الذي قام بتربيته على اعتبار أنه ابنه . وكان هذا – الوالد يقسو كثيرا على ابنه – المزعوم ، حيث كان يجبره على رعاية الأغنام وسقايتها من الآبار في حر الصيف ، ولما يجاوز عمره العاشرة، واذا ما رأى منه قصورا كان ينهال عليه ضربا . وفي أحد الأيام لم يستطع الطفل ان يكمل سقاية الغنم لكبر الدلو، فانهال عليه – والده – ضربا، فصاح الولد " يا خيّي يا بيّي " ! ؟ وشاءت الصدف ان يكون اخوته العشرة من أبيه مارين بالقرب منه ، فصاح اكبرهم على الرجل بأن يكف عن ضرب الطفل، والا فإنه سيقتله لأن هذا الطفل أخوه ، لانه عندما طلب النجدة من أخيه شعر بان هذا الطفل أخوه ،وليس ابن الرجل ، وتطورت بينهما الخصومة على الطفل ، فهذا يقول هذا ابني، وذلك يقول هذا أخي، وذهب كل واحد منهما مع جماعة من قومه، ليتقاضيا عشائريا عند " الزيادي " ولما عرف مقصدهم أرسل الطفل المختلف عليه الى ابنته التي كانت ترعى الأغنام ، وطلب منه ان يحضر خاروفا قِرى للضيوف ، دون أن تراه ابنة القاضي الراعية ، وفعل كما طلبوا منه، وبعد ان افتقدت الخاروف تقصت آثار الذي حمله حتى وصلت الى بيت والدها، حيث اخبرته بافتقادها خاروفا ،فسألها امام المتخاصمين عن أوصاف اللص فقالت :
" جاري ولد هاري وبكر جارية " وفي صباح اليوم الثاني طلب المتخاصمان من " الزيادي " ان يقضي بينهما فقال لهما : " لقد قضت بينكما ابنتي مساء امس " . فقالا لم نفهم شيئا . فقال لهما ولمن معهما . اركبوا خيولكم " ونادى على ابنته وسألها ان تفسر ما قالته مساءا عن الذي اخذ الخروف، فقالت انه ابن رجل هرم وامرأة شابة حيث كان يمشي على اصابع قدميه عندما تأتيه قوة الشباب التي ورثها عن والدته، وكان يمشي على كعب قدميه عندما يأتيه ضعف والده العجوز ، ثم امرها أبوها ان تردف الولد خلف أبيه ،فنظرت في وجوه القوم واخبرت والدها ان أباه ليس موجودا ! فامرها ان تردفه خلف أخيه فأركبته خلف أخيه من أبيه الذي طالب به ؟!
وعندما عاد الوالد – المزعوم – الى زوجته اخبرته بان زوجها العجوز الذي مات قد ضاجعها في ليلة زواجها وتوفى ؟ وانها خجلت ان تذكر ذلك ".