قضية أبو الفتوح الشرقاوي
د. نجيب الكيلاني
هذه الرواية تعالج ظاهرة الكذب الذي فشا في حياة الأفراد والمجتمعات .
والغاية منها إدانة الفساد في الحياة السياسية والاجتماعية . فمن هو أبو الفتوح هذا الذي صارت كذبته قضية ؟!
أبو الفتوح الشرقاوي بائع خضروات متجول ، زعم أنه رأى سيارة مسروقة قرب فرع من فروع النيل ، وفيها امرأة جميلة مقتولة ! وحين حضر الناس معه لم يجدوا سوى سيارة محطمة . ويوافق أن إحدى سيدات المجتمع تختفي في ذلك الوقت ، وهي زوجة لرجل متنفذ ، ويبدأ البحث الجنائي ، ويصلون إلى مصدر الشائعة وهو أبو الفتوح ، ويتم القبض عليه ، والتحقيق معه ! وأمام التعذيب يضطر إلى أن يكذب ويكذب وأنه رأى القتيلة فعلاً (وهو لم يرَ شيئاً) ! وبدلاً من أن تتوضح الأمور تزداد تعقيداً ، ويتم القبض على جميع من ذكرهم أبو الفتوح ، وعلى رأسهم الشباب الملتزمون ! مع أنهم لم يكتشفوا الجثة ، ولم يتعرفوا بالمرأة ! وتتعدد الشائعات ، وتتوسع الاتهامات .
وفجأة تظهر (عنايات هانم) في البنك لتصرف من رصيدها . وتتعقد المسألة أكثر ، فالمجني عليها المفترضة ظهرت ، وأبو الفتوح ومن معه في السجن لإثبات التهمة عليهم مع تهم جاهزة ! وتبدو صورة البسطاء في شخص زوجة (أبو الفتوح) ، حين تسدّ في وجوههم الطرق للوصول إلى حقهم ، فحيناً تلجأ إلى المحامين فتبيع الأرض ، وحيناً إلى كتّاب التعاويذ ، ويظهر النقيضان في المجتمع ، فعامل التلفون " يونس عبده " الذي جعل زوجة الشرقاوي تبيع الأرض ، تؤول الأرض إليه ، فيما الطالب " شعبان عبداللطيف " وإخوانه يتبنون قضية (أبو الفتوح) ، ويساعدون الزوجة والأبناء على مواجهة الظروف الصعبة . وأما الصحافة الحزبية فتستغل القضية وتعلن أنها ستنشر مذكرات (أبو الفتوح) بغية الاثارة والانتقام من الخصوم لا دفاعاً عنه أو رداً للظلم الذي لحق به ! وهذا ما يعرضه للتهديد والإغراء ، فيهرب إلى القاهرة مع زوجته حتى موعد المحاكمة . تشغل قضية (أبو الفتوح) الناس في مجتمعه ، وتغطي على أخبار الحرب ، وعلى الضائقة الاقتصادية .
وتنتهي الرواية بعد تجربة مريرة ، يتغير (أبو الفتوح) بعدها ، ويتعهد ألا يكذب ثم يلتزم مع الخط الإسلامي ، ويهيئ نفسه لتعلم القراءة والكتابة وتلاوة القرآن .
ولعل السؤال الذي يفرض نفسه هو هل يصلح حادث قتل أو إغراق سيارة موضوعاً لعمل روائي ؟ أليس حرياً بالفن السردي أن يقتحم ماهو مركزي وأساسي في حياة البشرية عوض تسليط الضوء على الأحداث الجزئية الهامشية ؟ (المشكاة ـ العدد 23 ـ عبدالحق مبسط) .
غير أن الحدث الأخير وهو تغيّر شخصية أبي الفتوح أعطى للقضية بعداً إيجابياً ، فقد انتهت قضية أبي الفتوح الزائفة ، وبدأت قضيته الحقيقية التي يسترخص فيها كل نفيس.