مُزَاحُ الموت ..!
أما ذلك الميت الذي عاد للحياة، يقول أن ساعات الموت التي عاشها، كانت بمثابة ذروة الحياة.
لم يشعر بالمغسل يجرده من ثيابه، ولا الآخر شعر بحياته أو حتى مماته، كان فقط حريصاً على أن يغسلّه بأحسن وجه، حفاظاً على مهنته وسمعته التي بناها على مدار سنوات طويلة.
الميت الحي، أو الحي الميت، كلما تذكر ذلك، تألم وضحك، تألم لأن المغسل رآه عرياناً ورأى ما لا توقع أن يراه أحد في أي يوم، والألم الأكبر ينبت كلما التقى به، وتذكرا تلك الحادثة، ثم يضحكان ويلوذان للصمت.
كما أنه لم يرَ تلك الدموع التي ذرفت فوقه، ولا تلك التي بللت كفنه الأبيض الذي أشتري من تاجر الجملة بسعر بخس، ولم يسمع العويل ولا حتى اللطيم، ولم يشعر بأولئك الذين حملوه على الأكتاف بداية.
هو فقط رأى نفسه ممدداً تحت سقف السماء، يرى زرقتها وثوبه الأبيض، تململ قليلاً ثم رفع رأسه وشاهد هول الصورة ورعبها في عيون الناس الذين يحيطونه، مع أن معظمهم من الأقارب والأصدقاء إلا أنهم خافوا منه وهرولوا بعيدا عنه، وبعضهم ابتلع لسانه من هول اللحظة.
هو لم يدرك ما يحدث حتى سقط بعدما انتبه حاملي نعشه أن الممدد فوقه يتحرك، حاول اللحاق بهم ليفهم السبب غير أنه انتبه أنه عارٍ إلا من قطعة قماش بيضاء لم تسعفه اللحاق بأحبته.
الآن يعيش الموت بعدما مات من الموت ... التناقض مليء، وكذلك الحياة.
وسوم: العدد 655