هرولة قلم

كعادتي في كل يوم بعد العصر. اتخذ لي مقعدا على قارعة الطريق وانتظر. في مقهي يدعى النصر. 

نجتمع مع الاصدقاء. لتمرير الوقت في الفضاء. نتبادل الحديث العابر. نراقب كل من للشارع مارر. 

في هذه الساعة الندية. تبدر مجيئي شوية. فطلبت القهوة التركية. انتظر قدوم صحبتي العفية. وبينما كانت شفاهي تغازل فنجان قهوتي الشهية. فاذا بعينايّ تلمح مجموعة بشرية. تلتف من حول طاولة اثرية. على بعد عدة امتار مني بحرية.

مجموعة اعتقدت انهم بشر. لكن سرعان ما مقتهم هؤلاء البقر. فقد نم عنهم تصرف لا يغتفر. تصرف بالسفاهة يُختصر.

مرّ عن هؤلاء السفهاء رجل علم فقير. والقى السلام عليهم مع التكبير. لم يردوا تحية الله الستير. فهذا معدوم الحال, غير مالك للاموال. ليس من مستواهم المتعال.

لم يكتفوا بذلك التصرف الشنيع. بل امطروه بوابل من الكلام الفظيع. وقال احدهم: هذا شخص وضيع. وقال آخر: يريد ان يقترب منا كي نحسن له الصنيع. وقال غبيٌّ ثالث: بل يريد ان ندعوه ليجالسنا مكاننا الرفيع.

هذا الوضع, لم يرق لقلمي المرابط. في جيب قميصي يخابط. يتنحنح ويتململ كانه زابط .

نظرت اليه مخاطبا: ما لك ايها الشقيُّ. تتراقص في جيبي كالجنيُّ؟

رد علي بنيرة المخذول. واردف يقول: انا عليك عاتب. الا ترى ما يحدث امامك ايها الكاتب ؟

قلت له: بلا..... اسمع وارى. 

قال: اذا لماذا هذا العناد؟ لماذا لا تعلن الجهاد؟ في هؤلاء الاوغاد؟ لماذا لا تستلني وتضغط على الزناد؟

فلت له: ايها القلم. عد الى نومك واحلم. كي لا يصيبك الندم.

مللت الكتابة والانتقاد. فقد شاعت الرذيلة في البلاد. وهؤلاء العباد. نشروا الفتن والفساد. اذا لمن اكتب واعد العتاد. اذا كان كبيرنا قواد. ومجتمعنا سواد في سواد.

لَوَى قلمي البوز. وقال يا عجوز: هذا لا يجوز. ان تدع هذا النشوز. عليك ينتصر ويفوز.

فوالله واحدة من اثنتين بلا حاسب. إما انا عنك راغب. وإما تستلني ايها الكاتب. وهذا قرار انا له صاحب.

تعال اعمل معك صفقة ايها الخامل. انت لا تجهد نفسك في الكتابة عن هذا السافل. ما عليك الا ان تطلق سراحي من جيبك وتضعني بين الانامل. ودع الباقي عليّ يا مناضل. سامشي انا لوحدي اقاتل. واخط كل ما اراه بالوصف الكامل. وانت استمر في احتساء قهوتك بلا خارج او داخل.

لم استطع مقاومة هذا الاغراء. من قبل قلمي المستاء. فوافقت على مطلبه بلا ادعاء. لكنه خل بشرط الاتفاق. قال انه سيمشي على رواق. لكنه يهرول باشتياق. اضناني التعب واصابني الارهاق. من مجاراة هرولته في وصف النفاق. 

في خلال ثوان معدودة. استطاع ان يصف ما رآه من المجموعة. سفهاء القوم مصروعة. لا تفقه من علوم الدنيا الا الرذيلة. يتصفون باسوء الصفات القبيحة.

فاموالهم الحرام المنهوبة. جعلتهم يتمتعون بالرجولة. 

كان بامكان هذا القلم. ان يتغاضى ويبدي الندم. عما سمعه من هؤلاء العدم. لكن ما حصل بعد ذلك. من هؤلاء القوم الهالك. جعل خطه اسود حالك. وطريقه على السطر سالك. يتمنى لهم جحيم مالك.

هؤلاء السفهاء جعلوا قلمي يهتز, قام من جيبي وفز. ومن تصرفاتهم قرف وكز. 

فبعد تلك الحادثة بثوانٍ. مرّ من نفس ذلك المكان ابو فلانٍ. ومن لا يعرف هذا الفانٍ. يلقبونه بفنانٍ. في لهط اموال الحرامِ.

انه المفتن الاكبر. لثروات بلدما دمر. وفي خيراتنا تأمر. معتقدا انه االاشطر. ما ان يطل ويظهر. وتراه في الشارع يتمختر. حتى ترى الناس من حوله تزداد وتكثر.

عندما مرّ ابو فلان بزمرة المنافقين. قاموا اليه مهللين. وقفوا على ارجلهم مرحبين. يقسمون اليمين. على هذا اللعين. ان يتبوأ مكانهم هؤلاء الشياطين .

وجلس ابو فلان المحبوب. وما ان فعل هذا المجذوب. حتى حث كلٌ النادل المرغوب. كلٌ بصواته العالي المعطوب. ان يأتي لابي فلان بالمشروب.

وجيء يومئذٍ بالشراب. ومرة اخرى توالت الايمان من الاحباب. بالقسم على من سيدفع الحساب .

انهى قلمي توثيق المشهد. وعاد ادراجه الى سجنه العاجي ليتمدد. يرابط فيه حتى اشعار آخر كما وعد.

وسوم: العدد 676