ساكنة القوقعة

في يوم لا أدري مااسمه ولازمنه من بين الأزمنة ، وصلت إليّ ذبذبات

غير مألوفة ، ثم تبعتها موجات صغيرة متتابعة ، تبعها جيشان وأصوات

صاخبة مخيفة من أعماق البحر، ثم جاءت موجات عنيفة وراء موجات

مستنكرة غاضبة ، دفانتزعتني واحدة منها ، وقذفتني على شاطىء برّ رملي

 ذهبي اللون ...!

تسلّطت علي حرارة شمس لطيفة، كنت أسمع عنها حكايات عجيبة وما

كنت أصدقها!  شعرت بدفء يتغلغل في جسمي ، وقد بعث في نفسي الأمان ،

تذكرت قاع البحر العميق المظلم ، كنت ساكنة قوقعتي المتواضعة هناك، منسية

 منذ عشرات السنين ،عانيتُ من أشياء وأشياء لاتحصى ولا تعد ، والآن هنا أرى

 بيوتاً متناثرة ، وأناس يروحون ويغدون ،وللحظة تمنيت أن أكون واحدة منهم ،

تذكرت من تلك الحكايا ، أن هؤلاء الناس يجمعون بيوتنا الصغيرة بعد أن نموت

فيسحقونها ، وربما يكون بعضنا لايزال داخلهاعلى قيد الحياة ، فيلقى حتفه رغماً

عنه ، ولست أدري ربما لايعلمون عن ذلك شيئاً ،  وبعض من هؤلاء الناس

 يجمعوننا ، ويصنعون منا أشكالا تثير البهجة فيهم  فيفرحون بها !! ..

 أتذكر أني كنت أتململ من بيتي ، وبالرغم من صغر حجمه ، فإنه قوي البنيان

لايتحطم بسهولة ، يقف حاجزاً أمام من تسوّل له حيلته بأكلنا ، من جيراننا سكان

 هذا البحرالمليء بالأعاجيب ،! أضف إلى أنه كان يتمتع بألوان زاهية ، تزين

مظهره الخارجي ، بذات ألوان المكان الذي نتواجد فيه ، فلا يرانا المتطفلون

الجشعون .!

 ولست أدري ؛ وأتذكر أيضاً كانت لدي أمنية  بالخروج من القاع المظلم ، ها

 وقد تحققت وخرجتُ مجبرة إلى هذا المكان الجديد الغريب ! لم أتوقع أنه مضيء

جميل بهذا الشكل ؟ سأعطي نفسي فرصة ، وسأمتع ناظري بهذه الأشياء الغريبة ،

ريثما أجد وسيلة أو طريقاً لمكان يكون فيه مضرب بيتي الجديد !

وبينما كنت غارقة بحوار غير حاسم مع نفسي ، سمعت من فوقي صوتاً ، يهمس

همساً رقيقاً لآخر بجانبه ، ويقول له: هلم نلتقط صورة  ؟ ، كانت امرأة شابة ،

تضاهي الرمل بلونه ، تحمل شيئاً غريبا بيدها ،كان الرجل معها أشيب الشعر :

لعله يكون والدها و ربما يكون جدها ، وربما لايكون هذا ولاذاك...!!

رجعت إلى ذاكرتي لمّا كنت في قاع البحر المظلم ، كنت أسمع عن حكايا،

 وحالات ،  ربما هي هذه التي أراها أمامي الآن ، وللحظة انحنت المرأة

الشابة نحوي ،ولمّا اقتربت عيناها مني ، ظننت أن البحرعاد ليرجعني إلى

 جوفه ، للتشابه الكبير في لونهما ، إلتقطتني بأصابعها ، ثم وضعتني في راحة

 كفها ، شعرت كأني على فراش وثير ولم أصدق نفسي، وهي تنظر بعينيها

الوسنتين ، وتقول للرجل بجانبها :

سأجعل هذه القوقعة في قلادة ، وأضعها على صدري ذكرى ل (......)...!!!.

لم أتمكن من سماع ما قالته ، لأنها عجلت ووضعتني في مكان آخر أكثر

 دفئاً !! ولكنه عاد وحجب عني الضوء مرة أخرى ، شعرت باهتزازات

 كثيرة أعادتني إلى ذكريات مكاني الذي سئمت منه ، وضربات تزداد عنفواناً ،

أصمّت مسامعي ، صرخت بأعلى صوتي ، لكنها لم تعرني أي اهتمام ، ربما

لأنها لم تفهم لغتي ، أولربما لإهتمامها بالرجل الذي لازالت  تحادثه ، ارتفعت

 الحرارة من حولي ، وبدأ الهواء ينقطع عني ويقل ، زاد يقيني بأنني أساق

إلى إحدى تلك النهايات التي يريدونها ، لا إلى التي أحلم بها وتليق بي !!!! .

وسوم: العدد 696