أَحْمَدُ.. اللَّهْ..
محسن عبد المعطي عبد ربه
كَيْفَ أَمْضِي فِي الْحَيَاةْ؟! وَأَنَا طِفْلٌ صَغِيرْ
أَبْتَغِي دَرْبَ النَّجَاةْ مِنْ عُلاَ اللَّهِ الْقَدِيرْ(1)
بِهَذِهِ الْكَلِمَاتِ الْجَمِيلَةِ أَضَاءَ الْوَلَدُ (أَحْمَدُ) يَوْمَهُ وَاعْتَمَدَ عَلَى اللَّهِ ,فَهُوَ سُبْحَانَهُ لاَ يَخْذُلُ أَبَداً عَبْدَهُ الْمُؤْمِنَ ,بَلْ يُنَجِّيهِ مِنْ كُلِّ سُوءٍ وَيُوَصِّلُهُ إِلَى أَعْلَى الدَّرَجَاتِ,اتَّجَهَ (أَحْمَدُ) إِلَى كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَخَذَ يَنْهَلُ مِنْ مَعِينِهِ الَّذِي لاَ يَنْضُبُ, حَتَّى بَلَغَ قَوْلَهُ سُبْحَانَهُ: (وَ لاَ تَهِنُوا وَ لاَ تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ, إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ, وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ ,وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ, وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ,وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ,أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ)الْآيَاتُ 139- 142مِنْ سُورَةِ آلِ عِمرَانَ, فَاغْرَوْرَقَتْ عَيْنَاهُ بِالدُّمُوعِ وَتَذَكَّرَ جِهَادَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الَّلهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ فِي سَبِيلِ نَشْرِ الدَّعْوَةِ الإِسْلاَمِيَّةِ هُوَ وَصِحَابِهِ الْكِرَامِ -رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ –وَكَيْفَ ابْتَلاَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي غَزْوَةِ أُحُدَ وَاخْتَبَرَ قُوَّةَ إِيمَانِهِمْ وَصَلاَبَةَ أَعْوَادِهِمْ وَصِدْقَ جِهَادِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَصَبْرَهُمْ عَلَى الشَّدَائِدِ وَالْبَلاَيَا وَقْتَ الْمِحَنِ , تَذَكَّرَ (أَحْمَدُ) ذَلِكَ كُلَّهُ ,وَرَبَطَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مِحْنَتِهِ فِي وَفَاةِ وَالِدِهِ , ذَلِكَ الْوَالِدُ الَّذِي كَانَ كُلَّ دُنْيَاهُ, يَمْلَؤُهَا بَهْجَةً وَسَعَادَةً وَحُبًّا وَحَنَاناً وَإِيمَاناً صَادِقاً وَتَرْبِيَةً وَتَنْشِئَةً عَلَى حُبِّ كِتَابِ اللَّهِ وَحِفْظِهِ وَالتَّتَلْمُذِ الْأَكْثَرِ مِنْ رَائِعٍ عَلَى سُنَّةِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الَّلهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ , تَذَكَّرَ (أَحْمَدُ) ذَلِكَ وَتَذَكَّرَ وَصَيَّةَ وَالِدِهِ وَقَوْلَهُ :"يَا بُنَيَّ اِلْزَمْ كِتَابِ اللَّهِ وَ سُنَّةَ نَبِيِّهِ الْكَرِيمِ وَاجْعَلْهُمَا خَيْرَ رَفِيقٍ لَكَ عَلَى الطَّرِيقِ" تَذَكَّرَ (أَحْمَدُ) ذَلِكَ ,فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ بِالدُّمُوعِ وَقَالَ:"يَرْحَمُكَ اللَّهِ يَا وَالِدِي ,لَقَدْ كُنْتَ خَيْرَ قُدْوَةٍ لِي فِي الْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ وَحُبِّ اللَّهِ وَرَسُولِهِ بَلْ وَفِي الصِّدْقِ وَالأَمَانَةِ الَّتِي عَرَفَهَا عَنْكَ أَهْلُ قَرْيَتِنَا الطَّيِّبَةِ" وَتَحَمَّسَ (أَحْمَدُ) قَائِلاً:سَوْفَ أَمْضِي عَلَى الطَّرِيقِ وَأَكُونُ نِعْمَ الْوَلَدُ الصَّالِحُ لِلْأَبِ الصَّالِحِ,كَانَ (أَحْمَدُ) قَدْ أَتَمَّ حِفْظَ كِتَابِ اللَّهِ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ ,وَكَانَ يُوَاظِبُ عَلَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ بِإِكْمَالِ طَهُورِهَا وَمَوَاقِيتِهَا ,وَبَعْدَ صَلاَةِ الْعِشَاءِ ,مَا أَجْمَلَهَا جِلْسَةَ (أَحْمَدَ) اللَّهَ اللَّهَ فِي هَذِهِ الْجِلْسَةِ! لَقَدْ كَانَ الصِّبْيَانُ يُحِبُّونَ (أَحْمَدَ) حُبًّا مَلَأَ قُلُوبَهُمْ وَيَلْتَفُّونَ حَوْلَهُ فِي حَلَقَةٍ رَائِعَةٍ وَيَتْلُو كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ رُبْعاً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَكَانَ (أَحْمَدُ) كَالْأُسْتَاذِ بِالنِّسْبَةِ لِهَؤُلاَءِ الصِّبْيَانِ يُصَحِّحُ لَهُمْ مَا يُخْطِئُونَ فِيهِ,وَيُلْقِي عَلَيْهِمْ دُرُوسَ التَّجْويدِ ,وَيُطَبِّقُهَا لَهُمْ عَمَلِيًّا فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَذَاعَ صِيتُ (أَحْمَدَ) بَيْنَ أَهْلُ قَرْيَتِهِ الطَّـيِّـبِـينَ ,وَأَحَبُّوا عِلْمَهُ وَأَدَبَهُ وَتَفَقُّهَهُ فِي الدِّينِ ,سَلَّمَ عَلَيْهِ إِمَامُ المَسْجِدِ بَعْدَ انْتِهَاءِ الْجِلْسَةِ وَقَالَ لَهُ:أَبْشِرْ يَا (أَحْمَدُ) بِقَوْلِ الْمُصْطَفَى صَلَّى الَّلهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ ):مَنْ يُرِدِ الَّلهُ بِهِ خَيْراً يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ ,وَإِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يُعْطِي ) أَشْرَقَ وَجْهُ (أَحْمَدَ) قَائِلاً:"سُبْحَانَ الْعَاطِي الْوَهَّابِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ
مَلِكُ الْمُلُوكِ إِذَا وَهَبْ لاَ تَسْأَلَنَّ عَنِ السَّبَبْ
اللَّهُ يُعطِي مَنْ يَشَا ءُ فَقِفْ عَلَى حَدِّ الْأَدَبْ (2)
وَأَضَافَ إِمَامُ المَسْجِدِ:"إِنَّ (الدُّكْتُورُ عَبْدُ الْعَاطِي) مُشْتَاقٌ لِرُؤْيَتِكَ يَا (أَحْمَدُ)" ,رَدَّ (أَحْمَدُ)- بِأَدَبٍ- "وَمَنْ هُوَ (الدُّكْتُورُ عَبْدُ الْعَاطِي) ؟" قَالَ الْإِمَامُ:"إِنَّهُ عَمِيدُ كُلِّيَّةِ أُصُولِ الدِّينِ يَا بُنَيَّ وَعَالِمٌ مَعْرُوفٌ عَلَى مُسْتَوَى الْعَالَمِ الْإِسْلاَمِيِّ ",وَجَاءَ (الدُّكْتُورُ عَبْدُ الْعَاطِي) وَشَاهَدَ (أَحْمَدَ) وَتَلاَمِيذَهُ عَلَى الطَّبِيعَةِ فِي المَسْجِدِ فَقَالَ-بِسَعَادَةٍ بَالِغَةٍ- "أَحْمَدُ00اللَّهَ أَنْ سَخَّرَ لِلْإِسْلاَمِ النَّابِغِينَ مِنْ أَمْثَالِكُمْ "وَقَامَ (الدُّكْتُورُ عَبْدُ الْعَاطِي) بِإِعْطَاءِ (أَحْمَدَ) كِيساً مِنَ الذَّهَبِ وَإِعْطَاءِ تَلاَمِيذَهُ بَعْضَ الْجَوَائِزِ فَقَالَ(أَحْمَدُ):"وَلَكِنْ"00000 وَقَبْلَ أَنْ يُكْمِلَ (أَحْمَدُ) قَالَ لَهُ (الدُّكْتُورُ عَبْدُ الْعَاطِي:"وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ" الْآيَةُ 11مِنْ سُورَةِ إِبْرَاهِيمَ"قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ " الْآيَةُ 73مِنْ سُورَةِ آلِ عِمرَانَ , فَاغْرَوْرَقَتْ عَيْنَا(أَحْمَدَ) بِدُمُوعِ الْفَرَحِ وَهُوَ يَقُولُ: أَحْمَدُ00اللَّهَ , أَحْمَدُ00اللَّهْ.
1- اَلْبَيْتَانِ للشاعر والروائي/ محسن عبد المعطي محمد عبد ربه شَاعِرُ..الْعَالَمْ
2- اَلْبَيْتَانِ من التراث