إيران و أوربا وسلاح الإرهاب
مركز أميه للبحوث والدراسات الإستراتيجية
كشفت الأجهزة الأمنية البلجيكية عن تفاصيل مخطط إرهابي كان يستهدف تجمعًا كبيراً للمعارضة الإيرانية في العاصمة الفرنسية باريس، واستهدف المخطط مؤتمرا نظمته جماعة مجاهدي خلق الإيرانية في ضاحية "فيلبنت" في باريس.
المثير في الموضوع هو ضلوع شخصية دبلوماسية تابعة للنظام الإيراني في هذه العملية بشكل مباشر، وبحسب بيان السلطات البلجيكية فإن المتورطين بالقضية والذين تمّ اعتقالهم قبل تنفيذ مخططهم الإرهابي، هم: دبلوماسيّ إيراني، ورجل وزوجته، وآخرون.
عقب هذه المعلومات المهمة والحساسة، تم توجيه أصابع الاتهام إلى النظام الإيراني بأنه يخطط لاستهداف المعارضة، حيث نجحت في حشد الآلاف من دول العالم، وهناك مسؤولون دوليون من أميركا والغرب يقفون إلى جانب الشعب الإيراني في التحرّر والانعتاق من هذا النظام الدموي.
لم يقف الأمر عند هذا الحد فقد نفذّت أجهزة الأمن الأوروبية سلسلة اعتقالات في بلجيكا وفرنسا وألمانيا، شملت أشخاصاً على ارتباط بهذا المخطط الإيراني الكبير.
وهذه الاعتقالات أكدّت على (وجود صلة مباشرة بين مخطط تفجير مؤتمر المعارضة وبين أجهزة المخابرات الإيرانية المرتبطة أصلاً بالمرشد علي خامنئي)، فقد أكدّت المعلومات عن وجود غرفة عمليات تتبع لمحطّة المخابرات الإيرانية في أوروبا، كان يديرها دبلوماسي إيراني يعمل بسفارة طهران في فيينا.
فهذه التطورات ينبغي أن تضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته، لا سيما دول الاتحاد الأوروبي، والتي باتت تتحدى العالم الحرّ كله في وقوفها مع النظام الإيراني، من خلال محاولة الالتفاف على العقوبات الدولية بعد خروج واشنطن من الاتفاق النووي، والاستمرار في التطبيع الاقتصادي والسياسي معها، دون اعتبار لدول المنطقة المتضرّرة بشكل مباشر من السياسات التدميرية الإيرانية.
لا شك بأن إصرار عواصم صنع القرار الأوروبي، هو الذي سيمنح طهران "أكسجين الحياة " للعبور إلى دول المنطقة والعالم، لنشر الفوضى والإرهاب وتأجيج الحريق الإقليمي من خلال أدواتها العسكرية والمذهبية والطائفية، حتى وصل إلى الثوب الأوروبي في سجل عمليات إرهابية قذرة بين اغتيال وتفجير...
وما جرى أول أمس في أوروبا يتزامن مع وصول الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى سويسرا، ومن المقرّر كذلك أن يزور روحاني النمسا، وهي التي تتولى حالياً؛ الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي لمدة ستة أشهر، في جولة وصفتها طهران بأنها ذات أهمية قصوى لمحاولات التخفيف من أثر العقوبات الأميركية، والتي باتت تهدد أركان الدولة الإيرانية في الصميم بعد اندلاع موجة الاحتجاجات المتزايدة، وبعد السقوط الحر للعملة الوطنية "التومان"، إلى جانب نقل الصراع بين أجنحة النظام لتحميل كل طرف يُلقي مسؤوليته على الأخر، لتحميله أسباب وتداعيات ما يجري هناك .
إيران تطمح في التعاون مع أوروبا، التي تُلقي لها بطوق النجاة في هذا التوقيت بالذات، وبخاصة بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني.
المثير في الموضوع أن دول الاتحاد الأوروبي ما زالت ماضية وبإصرار عجيب _بل ويحمل نبرة التحدي_ على تطبيع علاقاتها السياسية والاقتصادية مع أكبر دولة داعمة للإرهاب في العالم، مما يستدعي من حكومات وشعوب العالم الإسلامي اتخاذ إجراءات كفيلة بمنع أوروبا من المضي في هذا الاتجاه، تبدأ من سياسات حكومية ضدّ دول الاتحاد الأوربي، لا سيما الدول الخليجية الفاعلة، وتنتهي بتبني سياسة المقاطعة الشعبية للسلع والمنتجات الأوروبية، كيف لا؟! و أوروبا لا تزال متمسكة بتغليب مصالحها الاقتصادية على حساب علاقاتها مع دول المنطقة، وباتت شعبية هذه الدول في الشرق الأوسط في الحضيض، فهل استطاع الإصرار الأوروبي في تواصله مع إيران إلى تحجيم مشروعها النووي؟، والحد من تسريع برامجها الصاروخية المدمرة؟، و التي باتت سلعة متاحة لكل التنظيمات المارقة والإرهابية في المنطقة؛ وفي مقدمتها (حزب الله، والحوثي) التي تطلق الصواريخ على "مكة المكرمة " قبلة المسلمين الأولى، ومليشيا حزب الله اللبناني التي تعمل ذبحاً وقتلاً في عاصمة العرب "الأمويين " سوريا، وباتت بصمات إرهابها موجودة حتى في داخل أوروبا، وأجهزة الأمن الأوروبية لديها المعلومات الكاملة والشاملة حول مصادر التهديد التي باتت تمثلها إيران وخلاياها النائمة واليقظة هناك... ألم يشاهد مسئولوكم ما قامت به مليشيات الحشد الشعبي في العراق؟! والمليشيات الشيعية "متعددة الجنسيات" التي أنشأتها في سوريا من ذبح وتقتيل طائفي على الهوية، والذي يرقى ليكون بمرتبة جرائم ضد الإنسانية؟!!!.
النتيجة أن دول الاتحاد الأوروبي" مصرّة " على إنقاذ النظام الإيراني، وهي بذلك باتت شريكة مع إيران في كل ما يجري، والساعية لاستمرار استهداف المقدسات الإسلامية، والرموز العربية.
من المؤكد أن السياسات الأوروبية ستكون أحد المدخلات الأساسية لانتشار ظاهرة العنف والتطرف المضاد والإرهاب في المنطقة، فما معنى أن تقوم أوروبا بالاستمرار "بمنح أكسجين الحياة " لهذا النظام المجرم الذي يمارس سياسة دموية على امتداد الإقليم طولا وعرضا، إلا إذا كان هدف أوروبا، إشغال المنطقة عن التنمية والازدهار والبناء، والاستمرار في مخطط تدميره من خلال الاستمرار في دعم "المِعول الإيراني الهدّام " الذي ما زال يشكل تهديدا لكل العالم الحر ، بموازاة ذلك كيف لنا أن نؤمن بما تطرحه أوروبا من مقاربات حول احترام الديمقراطية وحقوق الإنسان، والنظام الإيراني يعتبر في صدارة دول العالم في انتهاكات حقوق الإنسان، ألا تشاهد عواصم صناعة القرار الأوروبي ما يجري يوميًا في المدن الإيرانية من انتهاكات لحقوق الإنسان والإعدامات وحالات الاغتصاب برعاية النظام ، وتصدير المخدرات إلى دول العالم بشكل رسمي ، وبفتوى من مراجع التقليد العظام في إيران ؟!!.
تبا لكم ولديمقراطيتكم، فأنتم تقفون مع النظام الإيراني المجرم ضدّ الشعب الإيراني نفسه، ألا تدركون تداعيات ذلك عليكم وعلى أمنكم؟!
إن شعوب المنطقة لن ترحمكم يوما.
لا تحسبوا بأننا نبالغ إذا اعتبرنا استمرار أوروبا في تأييدها المعيب لإيران ونظامها يعني إعلان حرب على شعوب المنطقة ودولها، وأنكم شركاء لإيران في جرائمها، كم أتمنى أن تعودوا إلى مراكز استطلاعات الرأي العام لتقيس لكم مدى شعبية دولكم _الاتحاد الأوروبي_ في الشارع العربي والإسلامي.
إن استهداف الإرهاب الإيراني لمؤتمر «المقاومة الإيرانية» لم يكن الأول ، ولن يكون الأخير ، وهذا يمثل استخفافاً رسمياً بكل أوروبا وحكوماتها، وأوربا تدرك تماماً أن المرشد خامنئي ومن خلفه من عناصر ووزارة المخابرات أو «قوّة القدس» ( التي يقودها قاسم سليماني) هي التي تتحمّل المسؤولية عن مثل هذه العمليات الإرهابية بشكل مباشر، و حسبكم هذا ليكون دافعاً لكم لانضمامكم للجهود الدولية والإقليمية الساعية لفرض عقوبات قاسية على النظام الإيراني، وبخاصّة الحرس الثوري الإيراني، وإدراجه كمنظمة إرهابية دولية عابرة للحدود، والانضمام إلى العالم المتحضر لمحاصرة "الوحش الإيراني" ، وخلاف ذلك معناه أن أوروبا تقف مع العنف والإرهاب، وعليها أن تتحمّل تداعيات ما يجري وما سيجري لها، ولمصالحها في المنطقة والعالم، وبخاصّة في العالم العربي والإسلامي، والذي بات ينظر لسياساتها بعين الريبة والشك، ويستحضر تجربتها الاستعمارية القائمة على فكرة أساسية عنوانها " فرق تسد ".
وعلى العالم الحر كله التكاتف لمنع النظام الإيراني من «دعم الإرهاب أو تصديره»، والوقوف بشجاعة ضدّ المشروع الإيراني، ومعاقبة النظام الإيراني الذي يعيش أضعف حالاته، بفعل اتساع رقعة «الاحتجاجات» في الداخل الإيران.
وسوم: العدد 779