كيف سقطت حوران والغوطة وسواها.. واستسلمت الفصائل المقاتلة للمحتلين والنظام الأسدي
ابتداء يجب معرفة طبيعة .. وصفات المقاتل الحقيقي .. ومن ثم معرفة طبيعة .. وصفات المقاتل المزيف ..
المقاتل الحقيقي هو ..
الذي يجاهد في سبيل الله .. لإعلاء كلمة الله .. وإقامة دولة الإسلام في الأرض .. وتحكيم شرع الله تعالى بين العباد ...
المجاهد في سبيل الله .. له غاية واحدة لا ثاني لها ..
هي إرضاء الله تعالى والإلتزام بأوامره ونواهيه .. ورفض طاعة عبيده رفضا باتا .. إلا فيما يتوافق مع شرع الله عز وجل ...
ولهذا فإنه يقاتل عن عقيدة .. تدفعه دفعا إلى محاربة أعداء الله بشراسة .. وعنف .. وقوة .. وثبات على الأرض .. وصمود في الرباط لا يتزحزح .. ويأبى إباء شديدا .. أن يفر .. أو يهرب .. أو يولي دبره .. أو أن يستسلم للأعداء .. أو أن يسلمهم سلاحه .. لأنه يخاف الله رب العالمين ...
ولأنه يقرأ قول الله تعالى .. ويلتزم به:
( وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَىٰ فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ) .. الأنفال ..
وبالمقابل فإن المقاتل المزيف .. يقاتل في سبيل الشيطان .. أو في سبيل المال .. أو في سبيل الجاه .. أو في سبيل السلطان .. أو في سبيل التراب .. أو لإرضاء أسياده العبيد الذين يدفعون له المال ..
فمثل هذا المقاتل لا يملك عقيدة ربانية .. فهو عبد للعبيد الذين يستخدمونه لتنفيذ أغراضهم ..
فمن السهولة أن ينسحب .. ويهرب .. ويفر .. وينهزم .. ويسلم الأعداء سلاحه ..
هذه المقدمة ضرورية جدا .. لمعرفة لماذا .. وكيف سقطت حوران .. وسواها من المناطق المحررة ...
منذ السنوات الأولى للثورة السورية .. ومنذ أن بدأ الثوار يكتسحون المدن .. والأرياف ويحررونها من سلطة الطاغية الأسد .. أخذت كل مخابرات العالم تتدفق على سورية .. وخاصة الأمريكية .. وأخذت تدرس طبيعة الثورة .. وطبيعة الثوار وتتواصل معهم .. لتجنيد فريق منهم ليكون خاضعا لهم ..
وفعلا أخذوا مجموعة من الثوار .. على أساس أن يدربوهم على الأعمال القتالية ..
ودربوهم .. وزودوهم بأسلحة قتالية .. ولوازمها من مناظير وسواها ..
وبعد انتهاء الدورة رجعوا ليعملوا ضمن الثوار ..
وهنا يطرأ سؤال هام جدا .. لم يُلتفت إليه في ذلك الوقت وهو ..
هل عاد هؤلاء ليكونوا .. خلايا نائمة للمخابرات الأمريكية .. تهب من نومها .. في الوقت الموعود ..
أم أنهم عادوا ليعملوا مع الثوار .. دون الإلتزام بتعليمات المخابرات ..
وهذا الذي أُشيع في ذلك الوقت .. أن المخابرات فشلت في تجنيدهم ..
وكررت المخابرات هذا الأمر عدة مرات .. وكان يُشاع في الأخبار .. أن المخابرات فشلت في تجنيدهم ..
ولكن الحقيقة .. كانت خلاف ذلك ..
بدليل أن الطيران الأسدي .. أخذ يتصيد خيرة العناصر المقاتلة .. التي كانت تقاتل بصدق .. وإخلاص .. وتفاني .. فيضربها ويقتلها ..
وهذا ما كان ليتم .. لولا قيام هؤلاء العملاء .. التي غرستهم المخابرات ضمن الفصائل المقاتلة .. بإعطاء إحداثيات أماكن القادة الطيبين .. إلى المخابرات التي جندتهم .. ومن ثم نقلها إلى النظام الأسدي .. وكذلك إحداثيات أماكن المستشفيات الميدانية .. والأسواق الشعبية .. والمدارس وسواها من الأماكن الحيوية الهامة للمدنيين ..
ثم تُوجت الأعمال المخابراتية الأمريكية .. مع المخابرات الأردنية .. وعدد من المخابرات العربية الأخرى بتشكيل غرفة الموك في بداية 2014 في المنطقة الجنوبية ..
واستطاعت هذه الغرفة .. تجنيد معظم أفراد الفصائل الجنوبية .. تحت إمرتها إلا من رحم الله ..
بل استطاعت تجنيد عناصر آخرين .. في الغوطة الشرقية .. وفي القلمون .. وفي ريف حمص الشمالي .. وفي حلب .. وعلى الأغلب أيضا في إدلب .. وبشكل عام في عموم سورية ..
بل الأدهى .. والأنكى .. والأمر .. أن هذه العناصر العميلة .. تبوأت مراكز قيادية هامة متنوعة .. من قائد فصيل .. إلى قاض .. إلى شرعي – وما هو يعلم بالشرع شيئا .. ولا بالقضاء كذلك – وغيره ..
وأخذت المنطقة الجنوبية .. تميل إلى الهدوء نسبيا .. إلا من افتعال بعض المعارك الجانبية .. للتمويه .. والتغطية ..
وأخذت تطلق أسماء رنانة.. طنانة على بعض المعارك المفتعلة.. للخداع .. والتضليل مثل ( الموت ولا المذلة ) و ( البنيان المرصوص ) وغيرها من الأسماء الدينية اللامعة ..
ولكن السؤال الأهم .. هو:
لماذا استطاعت المخابرات بكل أنواعها.. اختراق الفصائل المقاتلة جميعها .. إلا ما ندر.. وزرع عملاء وجواسيس بها ؟!
لأنه...
1- انطلقت الثورة بشكل عفوي.. بدون تنظيم.. ولا ترتيب مسبق.. ولا قيادة منظمة.. فاعلة..
2- تشكلت فصائل كثيرة .. وعديدة لا رابط بينها ولا تنسيق .. وهذه الحالة المتشرذمة .. المتفككة للفصائل.. قد تكون حالة سلبية للمخابرات.. حبث أنها تحتاج إلى وقت طويل.. وعمل مضني ومتعب لها.. حتى تزرع عملاء وجواسيس لها في كل فصيل.. ولكنها في الوقت نفسه.. هي حالة سلبية للثورة أيضا..
3- معظم عناصر الفصائل.. تتألف من طبيعة ريفية.. غير متعلمة.. وغير واعية.. وغير مثقفة وليس لديها علوم عسكرية.. ولا خبرات قتالية كافية.. لمواجهة جيوش عظيمة.. علاوة على أنها غير ملتزمة بالدين بشكل حقيقي.. إلا من بعض المظاهر الدينية.. مثل الشعائر التعبدية التي لا تسمن ولا تغني من جوع لوحدها.. بسبب فقدانها الإيمان.. والتقوى.. والحرص على مرضاة الله تعالى .. علما بأن لديها طيبة فطرية جيدة.. ولكنها مترافقة مع سذاجة.. وبساطة في التفكير..
4- لا يوجد لدى معظم الفصائل حتى الكبيرة منها التي تتألف من عدة آلاف.. جهاز مخابراتي أمني يستطيع كشف العملاء.. وإن وجد هذا الجهاز لدى بعض الفصائل.. فلا يملك المؤهلات.. والخبرات.. والمعلومات التي تمكنه من كشف العملاء والجواسيس..
5- لا يوجد قائد واحد.. يتمتع بالمواصفات القيادية في جميع الفصائل.. بحيث يتمكن من لم شملها جميعا تحت قيادته.. والسير بها.. في طريق مستقيم.. واضح..
في نهاية هذا التحليل.. قد يظن البعض.. أن هذا يدعو إلى الإحباط.. واليأس.. والقنوط..
وأقول بالفم الملآن.. لا يأس.. ولا قنوط.. ولا إحباط..
لأنه تعالى يحذر أشد التحذير.. وينهى أشد النهي من اليأس.. والقنوط..
(إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ) يوسف 87
(قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ ) الحجر 56
يجب على بقية العناصر الطيبة الصالحة أن.. تتجمع مع بعضها.. وتشكل من جديد جيشا مستقلا.. حرا يحمل عقيدة الإيمان والتوحيد..
وقد سبق أن كتبت مقالة عن كيفية الحل في سورية.. يمكن العثور عليها لدى العم غوغل...
وسوم: العدد 782