لا لإسقاط الائتلاف ونعم لتسليمه لأهله
عبد الله المنصور الشافعي
بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى ( ... يا موسى لا تخف إني لا يخاف لدي المرسلون إلا من ظلم ثم بدل حُسنا بعد سوء فإني غفور رحيم) وقال النبي صلى الله عليه وسلم "فإن العبد إذا عترف بذنبه ثم تاب تاب الله عليه" . يقول العبد الفقير : فإن خوّف الله تعالى الخلق بأولي العزم من الرسل من الظلم ولم يجد في المغفرة منه حتى لهم صلوات الله عليهم مندوحة من التبديل إلى الحسن بعد السوء فما ظنك بمن سواهم ؟ وإن كان النبي قال إن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب فجعل بنفسي هو الاعتراف شرط ومفتاح للتوبة وما ذاك إلا لأن الذي لا يقر بذنبه ويعترف به ولو في الباطن لا يمكن أن يغير حسنا بعد سوء فكل من ركب رأسه محال أن يتوب .
لقد اقترفت المعارضة السورية بدءا من مجموعة "... بابا والسبعين حرامي" ثم المجلس فالائتلاف جرائم في المواقف والسياسة تسببت في شدة جرائم النظام ومهدت لها علموا أم لم يعلموا وإني أقسم بالله العلي العظيم وفي حوار مع أحد أبطال الجيش الحر الدمشقيين المناصرين للخطيب لم أتكلف أكثر من خمس دقائق من ذكر الحقائق حتى قال هذا البطل (والذي أصيب برصاصة في صدغه اخترقت كلتا عينيه فعمي) إن الخطيب خائن وحكمه القتل ، فزاد على القبول حكمه فيه . لقد خان الخطيب وغليون وجميع أعضاء الائتلاف ومن قبله المجلس الثورة ولم يكونوا قط قط نوابا ووكلاء عنها فضلا عن أن يكونوا آباءً لثوارها وشبابها , وكل من أنصف وتجرد من رزية الهوى علم يقينا حجم الفساد والضرر الذي ألحقته المعارضة بالثورة والأمة وسورية ابتداء بتأسيس المجلس الوطني على أساس رفض كافة أشكال التدخل (أي بما فيها تلك التي تحمي المدنيين والحظر الجوي والمنطقة العازلة فضلا عن الضربات الجوية) وكل أولائك كانت مطالب للثورة والثواروانتهاء بوصول الثورة عالميا إلى ما يعرّف نفسيا وإعلاميا على أنه من الشؤون "المسطّحة" (باناليزيشن =باناليزاسيون) وقد بلغت المعارضة من النفاق والخداع درجة تشبه بالنظام ففي حين كان الثوار يرفعون أسماء الجمع كان كافة هؤلاء يعملون على نقيض طلبات الثوار ويخدعونهم بمعسول من القول الكاذب البارد فمثلا ناشد غليون الأمم المتحدة عقب جمعة حماية المدنيين أن تبتكر سبلا لحماية المدنيين بعيدة عن كل أشكال التدخل العسكري ! . فكأنه كان يجوّز امتلاك الأمم المتحدة للملائكة المنزلين والمردفين ! وفي حين كان الثوار يهتفون :"وينك وينك يا ناتو الشعب خلصت دماتو" قال غليون :"يشكل الموقف من مؤتمر جنيف موضوع خلاف رئيسي بين المعارضين السوريين، ويهدد بتقسيمهم كما فعلت مسألة التدخل العسكري الخارجي في المرحلة الماضية. وكما أن الانقسام الذي أثارته مسألة التدخل هو الأمر الوحيد الذي بقي من تلك الفترة أما التدخل فلم يكن في الأصل واردا عند أحد، باستثناء حلفاء النظام " بحروفه, أي إن ثوار الشام هم حلفاء النظام عندما يطالبون بتدخل الناتو !! فهل يختلف هذا النهج عن نهج النظام بل ويزيده ربما وقاحة وسخفا ؟
في 21/7/2012 ذكرت الصحافة الفرنسية (فرانس برس, جورنال دو ديمانش) أن الولايات المتحدة تدرس جدّيا التدخل العسكري في سوريا بذريعة السلاح الكيماوي (ولهذا قال الخطيب تارة بأن الكيماوي فزاعة وتارة بأنه ذريعة للتدخل في سوريا !) وإثر ذلك صرح وزير الدفاع الفرنسي "جان ايف لو درييان" بأن الغرب يمتلك معلومات دقيقة عن أماكن تخزين الكيماوي في سوريا وأنه قادر على القيام بعمليات كوماندوز للسيطرة عليه . ولم يحصل أي متابعة أو حدث بعد هذه التصريحات ثم كشف لنا الخطيب (فيديو مسجل مرفق) أن أمريكا عرضت على المعارضة السورية عرضا مفادة توجيه ضربات جوية لقواعد النظام العسكرية (مطارات وقواعد صواريخ ومباني عسكرية) بشرط أن تخول المعارضة الغرب بالقيام بعملية نزع السلاح الكيماوي مما يعني التمهيد لنزع الشرعية الدولية عن النظام بالكلية مع كل ما يتبع هذا من تسليم أموال محتجزة للنظام وتسليم سفارات وتحرير جوازات ... الخ ولكن والكلام للخطيب :"الحمد لله كافة المعارضة رفضت هذا المطلب الأمريكي" بحروفه !. فصرنا إلى أن استخدم النظام الكيماوي ضدنا وقايض به على سلامته من الضربات وأبقى على شرعيته ! فكأن هذا عين ما يريده الخطيب (حسون 2) فقد رفض الخطيب الحكومة الانتقالية بقوله "لا نريد أن تكون حكومة في الشمال وحكومة في الجنوب" !! ... الخ
واليوم تنشر
صفحة الثورة السورية (الإخونجية الحلبية) بعد لَأْي جمعة إسقاط رئيس الائتلاف !
(وتاريخ الصفحة في تلاعبها بأسماء الجمع وأهدافها وغاياتها مع ما يتماشى مع سياسة
المجلس معروفة وقد كتبت في ذلك أكثر من مقالة ويكفيني للتنويه بدورها الضار
المستهجن في هذا الصدد بنقل بوست لها نشرته مع تعالي الأصوات في الداخل مطالبة
بالناتو والنقل بحروفه:"الذي يلاحظ كم الفرق بين اللافتات التي كانت تطالب بالنيتو
قبل أشهر، وبين عبارات الشكر التي
وجهها الثوار اليوم إلى روسيا والصين،
يعلم كم أننا قد انتصرنا .. الانتصار لا يكون بهزيمة الأعداء فقط، ولا بالسيطرة على
الكرسي، الانتصار يبدأ في دواخلنا .. نحن
انتصرنا حين أيقنا أننا نستطيع نزع أشواكنا بأيدينا من غير الحاجة لأحد"
وهذه الجملة الأخيرة قالها برهان غليون أيضا), فهل يختلف هذا عما في مجلة البعث أو
تشرين ؟
ثم أي شيء تربح الثورة في إسقاط الجربا ؟ فليست
مشكلة الثورة الجربا وليس الجربا بأقل ضررا من الخطيب ولا الخطيب من غليون المشكلة
في المبدأ والنهج والغايات فأن
يحسم ميشيل كيلو إسقاط الجربا بقوله على الجربا من أنه لا ينوي تجديد مدة رئاسته
تلخيص لجوهر المشكلة فميشيل كيلو ومن وراءه هم من يتحكم بالائتلاف وهم من نصب رئيسه
(بالتوافق مع السعودية) وهم من يقرر عدم التجديد له ولا ريب هو ومن خلفه سيختارون
دمية ضرارا جديدة ... فبعد كل هذا ما يكون حكم المعارضة سواء الشرعي أم العقلي ؟
وما عساه يكون الخروج من هذه الأزمة التي تعين على قتلنا وترخي بظلها الأحمر الدامي
علينا منذ ثلاث سنين ؟
الحل الوحيد
هو أن يعيد ولن أقول المخلصون أو الوطنيون بل العاقلون الإنسانيون فحسب أن يعيدوا
ملكية الائتلاف والمجلس إلى الثورة لأن هذين الكائنين السياسيين ما وجدا لغير خدمة
الثورة وباسمها وبدماء شهدائها وقد صار الائتلاف رضينا أم لم نرض يحتل منصب وزارة
الخارجية للثورة أمام المجتمع الدولي,
وذلك بإدخال ممثلين عن الثورة فيه وبتبني مطالب الثورة وأهدافها بشكل كامل معلن
مدون مقيد -في مؤتمر وطني معلن مصور كما دعوت إليه مرارا- غير عابئين بأي إملاء
خارجي أو إغراء مادي أو إكراه معنوي وبالمقابل يتعين على الطرف الآخر أي الثوار
القبول بايفاد ممثلين عنهم والقنوع بضرورة التواصل مع الغرب بل وطلب المعونة منه
والتعايش معه والتحرك وفق ما تواضعت عليه أمم الأرض من قوانين ومواثيق دولية, ولعمر
الله فإن كلا الأمرين ممتنع عسير ولكني قلته ابراء للذمةولأن
بعض الأخوة كعبد الرحمن الخطيب في الحياة اللندنية دعا إلى ما كنت دعوت إليه قبل
سنتين مما كان يومئذ صالحا ممكنا وليس هو اليوم يصلح ولا يمكن فتشكيل معارضة جديدة
من الداخل لن تلاقي قبولا دوليا وسيتعلل الغرب بالائتلاف لتجاوزها والاعراض عنها
والدعوة إلى دخول أعضاء الائتلاف إلى الداخل قول ضغث فقد دعوتهم في عدة رسائل وشددت
النكير عليهم بعد التوسل من أن يعقدوا مؤتمرهم في مخيمات الاجئين فلم يفعلوا قط
فكيف نطالبهم أن يحفروا ما يرونه قبورهم بأيديهم ويدخلوا ليقيموا في الداخل وقد
تعودوا الخمسة نجوم !؟
فهل من مبدل حُسنا بعد سوء وهل من راد حق لصاحبه وملك لمالكه
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم