الأصلُ في المرأة أنها أم وربة بيت
مشاكلٌ عمليةٌ وحلولٌ إجرائية
أبو الهمام الخليلي
إن الأصل في المرأة أنها زوجة وأم، والأصل في الرجل أنه زوج وأب.فالأصل في الرجل أنه(راع وهو مسئول عن رعيته)، والأصل في المرأة أنها (راعية على أهل بيت زوجها وولده وهي مسئولة عن رعيتها).
فعلى المرأة مسؤولية وعلى الرجل مسؤولية داخلَ الأسرة، وبلا ريب مسؤولية المرأة في الأسرة أكبر، لذا يجب إعدادُ المرأة لتكون زوجةً وأماً، وإعدادُ الرجل ليكون زوجاً وأباً.
ولكونِ مسؤوليةِ المرأةِ أكبرَ فستركز المقالة هذه على المرأة حصراً.
أين المشكلة التي تحاولُ هذه المقالة علاجَها؟
هناك مشاكلُ كثيرةٌ متنوعةٌ لا تخطِئها العين في أُسَرِنا اليومَ، وسببُ كثرتِها قلةُ الوعيِ الثقافيِّ والعلميِّ وقلةُ الوعيِ على الحكم الشرعيّ، وهاكَ أمثلةً على بعض المشاكلِ لأترك التفصيل في الفقرات التالية، فمثلاً تجد الزوج والزوجة يعانون من مشاكل في كيفية تعامل كل منهما مع الآخر، وكيفية تعاملهم مع أبنائهم، لدرجة أن هناك من تساءل وقد تجاوز عمره الثلاثين: (هل نحن مؤهلون للزواج؟!)، فكم امرأة تحسن التعامل مع أطفالها في مشكلة قلة أكلهم، أو مشكلة الغيرة عندهم، أو تمردهم على الدراسة، أو إدمانهم على الِتلْفاز أو الألعاب ؟!كم امرأة تعرف كيف تتعامل مَعَ طفلِها إن أصيب بوعكة صحية فارتفعت حرارته، أو جرح أو أصيب بحرق، أو يرفض أخذ الدواء أو ماشاكل من إسعاف أولي وطب منزلي، قبل إيصاله لتقلي العلاج عند الطبيب!، وكم امرأة تعطي اهتماماً للأمن المنزلي، فتربي طفلها كيف يمسك المقص أو الشوكة ومتى؟ وكيف يعرف خطورة الكهرباء والنار والتعامل معها؟ وكم امرأة تولي أهميةً للتغذية المنزلية السليمة لها ولطفلها وللأسرة فضلاً عن معرفتها بها؟! كم امرأة تحسن إجابة طفلها عن الأسئلة المحرجة عن الوجود التي تتطلب تبسيطاً لا هروباً من الموضوع؟ كم امرأة تجاوز أطفالها العشر سنين وهم لا يُصلَّون؟! أو تراهم يكذبون أو يَعِدون فيُخْلفون؟!
هذه بعضُ ملامحِ المشكلة، وأرجو أن تكونَ كافيةً لِنفكرَ معاً كيف نعالجها، لنخرج بأفضل بناء للإنسان في دولة راشدة على منهاج النبوة مستقبلاً، ولنتقيَ الله في أسرنا وأبنائنا قبل إقامة هذه الدولة ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً، إن الاعترافَ بالمشكلة وتعريفَها هو أول الطريق إلى الحل.
إن البنتَ اليوم بفعل التأثير الغربي، من خلال التلفاز والإعلام، والمناهج الدراسية، والثقافة الفاسدة في المجتمع، قد تلوث فكرها، فأصبحت ترى أن الأصل في المرأة أن تكون امرأة عاملة، كما الرجل، لا أن يكون الأصل فيها أنها زوجة وأمّ وربة بيت، حتى أن وظيفتها الطبيعية كأم وَربَّة بيت أصبحت بفعل الفساد والإفساد وكأنها إهانة لها! فباتت المرأة، بسبب ذلك، تقدم التعليم، على الزواج من المرضي عنه ديناً وخلقاً، مع أن العلم للمرأة كما تقدم في تعريف المشكلة أعلاه، مهم للغاية، وهو علم لازم وملازم لها من المهد إلى اللحد،ولكن يجب أن يقترن علمها من الصغر إلى الكبر مع ما جاء به الإسلام من أن الأصل في المرأة أنها أم وربة بيت وعرض يجب أن يصان.
إن هيمنة فكرة أن الأصل في المرأة أنها امرأة عاملة هي سبب رئيس في العنوسة.إن ثمةَ أفكاراً جارحة قاتلة للمرأة في المجتمع، سببها البعد عن الإسلام، ثقافةً ونظاماً، فنرى أن المجتمع ينظر إلى العنوسة باشمئزاز وهو من ساهم فيها، وينظر إلى المطلقة وأحياناً الأرملة وكأنها ارتكبت جريمة!، فنَدُر من يفكر بالزواج من المطلقات أو الأرامل، على كثرة هذا النوع من الزواج الهائلة في سلف أمتنا، ويجرمون تعدد الزوجات رغم أنه في أحيان كثيرة لا يعبر عن نشوة جنسية بقدر البحث عن حل لمشكلة، يعاني منها الرجل كما تعاني منها المرأة الثانية.إن هذه الأفكار هي نتاج طبيعي للبعد عن فكرة أن الأصل في المرأة أنها زوجة وعرض يجب أن يصان،وهذه الفكرة خلاصةٌ أولى علاجيةٌ يجب تثبيتُها في وعي الناس.
إن المرأة حتى تقوم بمسؤولياتها على أحسن وجه يجب إعدادُها بكل ما يلزم من أحكام شرعية و ثقافة وعلم، على أن يكون الإعداد عميقاً عملياً جدياً.وهذا الإعداد بالتلقي الفكري العملي يجب أن يصاحب المرأة من طفولتها وأن يستمر معها في كل مرحلة من مراحل عمرها.
وعند محاولة سبر وتقسيم المعارف والعلوم التي تلزم المرأة للقيام بمسؤولياتها نجدها تكاد تنحصر في المجالات التالية:
1.الأحكام الشرعية ( فقه المرأة المسلمة)، والثقافة الإسلامية.
2.المعارف التربوية.
3.الإسعاف الأولي والطب المنزلي.
4.التغذية المنزلية السليمة.
5.الأمن المنزلي وأمن الطفل.
6.التدبير المنزلي.
أما الأحكام الشرعية، ففرض على المرأة أن تتعلم الأحكام الشرعية التي تتعلق بها كامرأة وكزوجة وكأم ، ومن الواضح أن الجهل في هذه منتشر، ويجب أن تنتهي طريقة التلقين العقيمة للأحكام، وذلك من خلال جعل المرأة في حالة معايشة طبيعية تستمر السنين والسنين مع النصوص التشريعية من كتاب وسنة المتعلقة بالمرأة، مع رفع مستواها اللغوي ، لتستحضر منها الأحكام بدون واسطة وبلا عناء، وأن تكون طريقة التلقي فكرية عميقة من أجل العمل.
وإن الثقافة الإسلامية لا تقل فرْضيةُ دراستها وفهمِها عن الأحكام،لاسيما المتعلقة بالمرأة والنظام الاجتماعي، كي تتكون شخصية المرأة بعقلية قوية واثقة بدينها، إلى جانب تمسكها بأحكام دينها. ولنتذكر أن مسؤولية المرأة في بيتها أنها راعية، والرعاية بالقطع أشمل من المأكل والملبس ونظافة البيت،فالمرأة داعية في بيتها ومربية،كما هي داعية بين النساء.
ولنلفت العناية لأمر هام، كثر فيه القيل والقال، حول الثقافة الجنسية، فأقول، إن الأمور الجنسية المتعلقة بالمرأة، يلزمها أحكاماً شرعية وثقافة إسلامية وعلماً يجمعهن أدب، إذ الصراحة في السؤال هنا مطلوبة، دون حد الوقاحة التي تخدش في الحياء، ولكن مع هذا يجب الحديث فيها بقدرها، وأدبها، حتى نجنب المرأة أمراضاً وأضراراً ومعصية، وهنا يكون دور الأم في التواصل مع بنتها والقرب منها في كل طور من أطوار نموها، فتعلمها بحسن الأدب حسن السؤال والجواب، ولكنّ فاقد الشيء لا يعطيه، فعلى الأم أن تثقف في بيئة النساء بما يلزم من أحكام شرعية وثقافة وعلم، وهنا الأم تكمل دور التثقيف الذي تقوم به المدرسة.
أما المعارف التربوية،فهذه ينبغي فيها التوسع، وأن تكون بطريقة الحوار والنقاش والعَصْف الذهني، لتكون عميقة جدية، تؤخذ من أجل العمل، فلا يصح فيها الحفظ، فهي قناعات تتبلور، ووعي يتوسع، فتطرح مشكلة قلة أكل الطفل مثلاً ويعرض ما يقوله البحاثة المختصون في ذلك ثم ينطلق النقاش، ليتبلور الحل، وهكذا في كل مشكلة.
ويجب أن تتعود المرأة النقاش من مصغرها بهذا الأسلوب، وأن يصاحبها طيلة سنين الدراسة، وأن يمتد لما بعد الدراسة في جلسات نسائية تعقد دورياً في المسجد والمؤسسات التي تنشئها الدولة لرفع مستوى الوعي النسائي، وتناقش بذلك المشاكل بما يناسب كل طور من أطوار المرأة.
ومن المهم هنا أن تكون المعارف التربوية صافية نقية من أي شائبة من الفكر الغربي أو أي فكر دخيل فاسد، فقد خُدع الكثيرون بمرور أفكار غربية بدعوى أنها أفكار عِلمية تجربيه إنسانية، وهي في حقيقتها من بنات الثقافة الغربية ومفاهيمها.
وأما الإسعاف الأولي والطب المنزلي الذي هو كل خدمة طبية يمكن لأي إنسان غير مختص أن يقوم بها للمصاب في المنزل قبل الذهاب للطبيب إن توفرت له المعرفة الطبية البسيطة اللازمة والتدريب الكاف، فينبغي أن تكون المرأة مدربة تدريباً ممتازاً عليه لتكون قادرة بسهولة وسرعة واحتراف على القيام به، فلا تحتاج بعده إلى استحضار المعلومة أو كيفية المعالجة عند حصول الطارئ.
ويجب إحلال الطب التجريبي الذي يقوم على العلم محل الطب المنزلي التقليدي بعُجَره وبُجَره، بمعنى أن تقوم الدولة بإعادة النظر في الطب المنزلي التقليدي باختباره علمياً، فتخلعه من جذوره فما وُجِدَ منه صالحاً أعادت غَرْسَه، فكم علاج تقليدي نمارسُه لا يقوم لا على دراسة تجريبية ولا علم!
وأما الأمن المنزلي وأمن الطفل، فيشمل مخاطر الكهرباء والتدفئة و التهوية والحريق والأدوات الحادة وكيفية إخلاء المنزل عند الطوارئ، فيجب تعريف هذه المخاطر وكيفية التعامل معها بشكل آمن للتقليل من الحوادث، ويكون ذلك بالتدريب والتعليم العملي، لتكون سلسة سهلة، تمارس بشكل سليم وبدون ارتباك، فمثلاً يدرب الطفل على كيفية الاتصال بخدمة الطوارئ والشرطة، وكيفية إعطاء العنوان بشكل سليم سريع، كما تدرب وتعلم الأم مثلاً على كيفية خزن المواد القابلة للاشتعال،والأدوية والمواد السامة، وموضوع الأمن والسلامة علم كبير يؤخذ منه ما كان يسيراً عملياً يتصل بالمنزل والطفل.
وأما التغذية المنزلية السليمة، فمعلوم أن التغذية المتوازنة والصحية أساس الوقاية من الأمراض، بخاصة أمراض العصر مثل أمراض القلب وداء السكري وارتفاع ضغط الدم والسمنة، والنساء تجهل جوانب عدة في مفهوم التغذية المتوازنة والصحية، مما ينعكس عليها وعلى الأطفال والأسرة.
إن هذه المشكلة لا تستدعي بالضرورة أن تكون المرأة خبيرة تغذية، بل على الأقل أن تتعلم المرأة بشكل بسيط أساسي ما هي التغذية المتوازنة الصحية، وأن تعرف كيف تخزن الطعام، وكيف تطهو الطعام وكم هي كميته وما هي نوعيته، وكيف تعرضه على أسس علمية.
وأما التدبير المنزلي، فيشمل ما لم نذكره أعلاه من مهام البيت، كتنظيف البيت وتنظيمه، وغسل الملابس، والتوفير والميزانية،و فنون الطبخ، ولا يخفى أن في تفاصيل التدبير المنزلي علوماً،خذ غسيل الملابس مثلاً، كم امرأة تقرأ وتعرف معنى ما هو مكتوب مثلاً على الملصقات الإرشادية للملابس؟، وكم امرأة تعرف أن غسل الملابس على درجة 30 مئوية لا ينظفها، بل يساعد في تكاثر البكتيريا والجراثيم وينقلها إلى بقية الغسيل، لأن درجات الحرارة المنخفضة ليست قوية بما يكفي لقتل البكتيريا المسببة للأمراض؟ وأن خلط الملابس الداخلية مع المناشف والشراشف، يساعد في انتقال البكتيريا من الملابس الداخلية إلى المناشف وإبقائها عالقة بعد غسلها!!
وفي الخلاصة: إن الله تعالى وهبنا تقدماً في العلم والمعرفة، والوسائل والأساليب، وقد تعقدت أشكال الحياة، ولم تعد كما كانت على بساطتها أيام النبي عليه السلام والصحابة الكرام، والإسلام يحثنا على الإبداع في الوسائل والأساليب والقوانين الإجرائية تحقيقاً للإحسان في تطبيق الأحكام الشرعية، ليكون تطبيقُها متقناً في أكمل وجه، وموضوعُنا هذا بابٌ واسعٌ في ذلك.
نعم، لم يجبْ الموضوعُ على مشكلاتٍ تفصيليةٍ يعاني منها من يقرأ هذا المقال، ولكنه وضع معالمَ الطريق نحو حل جذري عملي لكل المشاكل، هذا الحل تقوم به الدولة ولا يقدر عليه الأفراد. وهذا الحل الذي نعرضه هنا يحتاج مزيداً من البحث والعمق.
أما ما ننصح به من يعاني من مشاكل، حالياً قبل إقامة الدولة الإسلامية، من نوع ما ذكرنا، فعليه أن يلجأ إلى القراءة بحثاً عن الحل بجدية لمشكلته، وأن يثير ما يتوصل إليه بالقراءة للنقاش والعصف الذهني مع أصدقائه ومحيطه للوصول إلى فكرة من أجل العمل، وأن يتخذ القرار ليسير وَفقه، عسى الله، من خلال ذلك، أن يهديه إلى الحل المناسب.
اللهم لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.