كراهية أمريكا للإخوان هي أصل المأزق العربي
أكد الكاتب الصحفي السعودي جمال خاشقي أن العالم العربي يعاني اليوم في مجالات الحرية والديمقراطية وانتشار القمع وسوء الإدارة بسبب خطأ أمريكا بحق جماعة الإخوان المسلمين.
وانتقد خاشقي في مقالة له بصحيفة واشنطن بوست، ترجمته "البوصلة"، تعامل الإدارة الأمريكية وسلوكها مع وصول الإخوان المسلمين في مصر إلى السلطة، الذي اتسم بالحذر رغم إعلان الرئيس أوباما دعمه للديمقراطية والتغيير في أعقاب الربيع العربي، وعدم اتخاذه موقفاً قوياً في رفض الانقلاب ضد الرئيس المنتخب محمد مرسي.
وشدد على أن الانقلاب في مصر أدى إلى عودة الجيش إلى السلطة في أكبر بلد عربي الأمر الذي أدى لقمع الحريات وترسيخ الفساد وسوء الإدارة.
وأكد خاشقجي أن موقف الإدارة الأمريكية من الإخوان في مصر أدى إلى فقدان فرصة كبيرة لإصلاح العالم العربي كله والسماح بتغيير تاريخي يحرر المنطقة من الطغيان الجاثم فيها منذ ألف عام.
ووصف الكاتب السعودي نفور الولايات المتحدة من جماعة الإخوان المسلمين خاصة في فترة إدارة ترامب الحالية، بأنّه "أصل مأزق في العالم العربي بأسره".
ونوه في مقالته إلى أن استئصال "الإخوان المسلمين" ليس أقل من إلغاء الديمقراطية وضمان استمرار العرب في العيش في ظل الأنظمة السلطوية الفاسدة، مؤكدًا أن هذا الأمر يعني استمرارية الأسباب وراء الثورة والتطرف واللاجئين وكلها أثرت على أمن أوروبا وبقية العالم، حيث غيّر الإرهاب وأزمة اللاجئين المزاج السياسي في الغرب الأمر الذي استفاد منه اليمين المتطرف في العودة للسلطة هناك.
وشدد خاشقجي على أنه لا يمكن أن يكون هناك أي إصلاح سياسي أو ديمقراطي في أي بلد عربي دون القبول بأن يكون الإسلام السياسي جزءًا منه.
وأكد أن عددًا كبيرًا من المواطنين في أي بلد عربي سيعطون صوتهم للأحزاب السياسية الإسلامية إذا سمح بأي قدر من الديمقراطية في المستقبل.
واستدرك خاشقجي بالقول إن الطريقة الوحيدة لمنع الإسلام السياسي من لعب دور في السياسة العربية هو إلغاء الديمقراطية، التي تحرم في الأساس المواطنين من حقهم الأساسي في اختيار ممثليهم السياسيين.
وبحسب خاشقجي فإن حرب الأنظمة العربية على جماعة الإخوان لا تستهدف الحركة وحدها، وإنما تستهدف أولئك الذين يمارسون السياسة، والذين يطالبون بالحرية والمساءلة، وإن نظرة سريعة إلى التدهور السياسي الذي حدث في مصر منذ عودة الجيش إلى السلطة يؤكد على ذلك.
وأشار إلى أن الحياة السياسية في مصر اليوم ميتة تماما، فنظام الرئيس عبد الفتاح السيسي قام بقمع الإسلاميين واعتقال حوالي 60 ألف منهم، وهذا لم يكف النظام المصري بل إنه يمارس القمع ضد الشخصيات العلمانية والعسكرية، حتى أولئك الذين دعموه في الانقلاب.
وأكد خاشقجي أنه من الخطأ أن تصب أمريكا والغرب اهتمامها على الإسلام السياسي، والسياسات المحافظة، وقضايا الهوية عندما يكون الخيار بين وجود مجتمع حر متسامح مع جميع وجهات النظ، وبين وجود نظام قمعي، مشددًا على أن خمس سنوات من حكم السيسي في مصر تدلل بشكلٍ واضح على هذا الأمر.
وانتقد خاشقجي الجهود التي تبذلها دول عربية تقف في وجه الحرية والديمقراطية لإقناع واشنطن بتصنيف جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية، مؤكدًا أنهم إذا نجحوا في مسعاهم، سيزيد الأمر سوءًا فيما يتعلق بالديمقراطية والإصلاح السياسي التي تم تقليصها بالفعل في العالم العربي. محذرًا من أنه ليس الإسلاميون وحدهم من سيدفع ثمن هذا، بل إن الدول العربية التي حققت تقدما في خلق بيئة متسامحة والسماح بالمشاركة السياسية من جانب مختلف مكونات المجتمع ستدفع الثمن أيضًا.
وامتدح خاشقجي مشاركة الإسلاميين اليوم في برلمانات العديد من الدول العربية مثل الكويت والأردن والبحرين وتونس والمغرب، الأمر الذي أدى لظهور "ديمقراطية إسلامية" مثل حركة النهضة في تونس، وأدى لنضوج التحول الديمقراطي في البلدان الأخرى.
وأكد خاشقجي أن الانقلاب في مصر أدى إلى خسارة فرصة ثمينة لمصر وللعالم العربي بأكمله، مشددًا في الوقت نفسه على أنه لو استمرت العملية الديمقراطية هناك، كان من شأنها أن تؤدي لنضوج الممارسات السياسية للإخوان المسلمين وتصبح أكثر شمولاً في التداول السلمي للسلطة وتطبيقها على الواقع وعدم الحكم عليها مسبقًا.
وختم مقاله بتوجيه نقدٍ لاذع لإدارة أوباما التي أهدرت الفرصة الثمينة التي كان يمكن أن تغير تاريخ العالم العربي بعد خضوعها لضغوط بعض أعضائها، وضغوط المملكة والإمارات.
وشدد على أنه يجب على إدارة الرئيس الأمريكي تصحيح أخطاء الإدارة السابقة التي أساءت إدارة الديمقراطية العربية.
وقال خاشقجي، إن الإدارة الأمريكية ما زالت تحكمها الكراهية المتعصبة للإسلام السياسي في الوقت الذي يغيب عنها الصورة الكبيرة للمشهد، الأمر الذي أدى لتدمير اختيار العرب للديمقراطية والحكم الرشيد.
وسوم: العدد 788