فتاوى دينية إيرانية تدعو العراقيين للاستثمار في إيران

تعيش إيران اليوم ظروفاً اقتصادية وسياسية واجتماعية غير مسبوقة ، حيث وصلت الآن إلى نقطة اللاعودة ، و إصرار النظام على المضي قدما في هذا الطريق البائس معناه  حتمية نهايته – لا محالة – على ضوء ما يصلنا من إيران.  فالمواد الاستهلاكية اليومية واصلت  ارتفاعاتها إلى 100 في المائه ، ومعدلات  البطالة تتفشى بمعدلات اكبر بين القطاعات الشابة، ووصلت إلى أكثر  40% في المائة، وهذا خلق حالة من الاحتقان الاقتصادي – الاجتماعي،   ترافق مع انهيار في سعر صرف الريال الإيراني، وفي الأشهر الستة الماضية فقدت العملة الإيرانية أكثر من 50% في المائة من قيمتها، بحيث بات  معه النظام الإيراني على إدراك تام بأنه يمر بمرحلة مفصلية تتطلب تغيرا تماما في أسس النظام ، مع توقعات بانهيار النظام دفعة واحدة على خلاف  الحرس الثوري  الذي يعتقد أنهم يستطيعون المقارعة ومواجهة الأعداء داخليًا وخارجياً حتى اللحظة الأخيرة،  و قمع أي محاولة احتجاجية كبيرة للإطاحة بالنظام.

من المؤكد أن  إيران مقبلة على زلزال ضخم سيتحول إلى تسونامي، وان حالة عدم الاستقرار  فيها بات   امراً حتمياً لا محالة  ؛ خاصة بعد زيادة  احتمالية  تفكك التحالفات المركبة بين الملالي بقيادة خامنئي والحرس الثوري  ومن معه  من مؤسسات الدولة الصلبة ، و البازار التي  مكنت النظام  في السابق  من الاستمرار. وسط هذه التطورات تناقل عدد من المواقع الإيرانية  فتوى دينية تحث على ضرورة   استثمار رجال الأعمال العراقيين في  دعم  الدولة الإيرانية  التي ستمهد لعودة إمام الزمان ، وإنقاذ البشرية ، و التي تدافع عن المستضعفين والمقهورين في العالم ، مع التركيز على نقطة ” اقتصادية محورية” عنوانها  إسلامية الاقتصاد والبنوك الإيرانية على خلاف غيرها  ، من حيث عدم وجود أي إشكال شرعي بالفوائد التي تعطيها المصارف الإيرانية على اعتبار أن إيران دولة إسلامية ، تمتلك اقتصاداً لا يتعامل بالربا. 

 محاولة  إيرانية مرة أخرى  لاستثمار  الأموال العراقية ،  وجذب الاستثمارات الخارجية  ربما  هي محاولة بائسة لانقاذ ما يمكن إنقاذه في إيران   ، على الرغم من تكبد البنوك الإيرانية خسائر فادحة ، ودخول رجال الدين الإيرانيين على خط الفتوى ينم عن حالة التخبط والارتباك التي وصلت إليها الدولة الإيرانية .  

لكن  في قراءة  أخرى للموضوع ، أن إيران  قد تلعب بالورقة الأمنية الداخلية في العراق  بشكل خطير ، من خلال إشعال فتيل العنف مجددا  هناك ، لكي تنتفع هي من هذا العنف، وأن من بين منافعها إعادة جذب رؤوس الأموال العراقية،  وإرباك صادرات النفط العراقية لجهة رفع أسعار النفط بما يخدم مصالحها في وقت يعيش  فيه نفس الاقتصاد العراقي أزمات  معقدة متتالية، خاصة بعد هبوط أسعار النفط ، وهجرة رؤوس الأموال إلى خارج البلاد.

لطالما وظفت إيران ” سلاح الفتوى ” في تبرير الإعدامات وانتهاكات حقوق الإنسان” داخلياً ”  ، وفي محاولاتها المستميتة  للدفاع عن نفسها ” خارجياً ” من خلال  تحريم فتوى امتلاكها للسلاح النووي لمواجهة الضغوط الدولية ، وها هي اليوم يتم توظيف الفتوى  في الاقتصاد.

النتيجة أنه كلما اصطدمت الدولة الإيرانية مع شعبها في الداخل  ومع الخارج ،تُسارع الخُطى للتوسل بسلاح الفتوى لانتشال نفسها  ، لكن هذا السلاح -للأسف- لم يُشكل في أي يوم من الأيام أية ضمانات  ملموسة لمجاراة إيران ولا تصديقها  ، ولا كان وسيلة لإنقاذ نفسها من حبل المشنقة الذي التف حول عنقها .

وسوم: العدد 806