يتساءلون عن "الأصولية"
[مختصر من افتتاحية مجلة "الإصلاح" الإماراتية، العدد 279، تاريخ 16/3/1994م]
يتساءل أهل السياسة والإعلام، ويعقدون الندوات، عن هذه "الأصولية". ويقترح فريق منهم اعتماد الهراوة، لعلاجها، ويطالب آخرون باستخدام الفكر والمنطق، ويقول آخرون: ابحث عن الفقر والتخلف تجد السبب.
وهل المسألة معقدة أو غامضة؟ أليس ما ترونه من عودة الأمة إلى جذورها هو رد فعل طبيعي على الظروف المحيطة بها؟ أليس من حق شعوبنا المسلمة، وقد عاشت الإذلال، أن تبحث عما يعيد إليها كرامتها؟ أليس الدفاع الطبيعي المشروع الذي يكون في بعض الأحيان عشوائياً هو ما يفعله كل كائن حي عندما يتعرض للخطر.
لماذا هذه الحيرة المصطنعة في تفسير أسباب الظاهرة الإسلامية التي تعم مجتمعاتنا، وكل ما حولنا من إحباط وعجز وضعف وذل... يقود إليها ويدفع باتجاهها؟
إن العودة للأصول والاعتزاز بالقيم هو الرد الطبيعي لكل أمة تتعرض لخطر الاقتلاع من جذورها، وهدر كرامتها.
إن نظرة واحدة إلى ما تحمله الأنباء كل يوم تؤكد أن أمة الإسلام تواجه حرباً سياسية وعسكرية، وتحدياً حضارياً وعقدياً، على نحو لا مثيل له. وهذا الذي يسمّونه أصولية وتطرفاً هو بعض ملامح الإحساس بالخطر، وهو يمثل صرخةَ تحذيرٍ، ونداءَ استغاثة، وليس فعلاً مصطنعاً، ولا عملاً مبالغاً فيه.
لقد غدت نشرات الأخبار مكرّسة لمصائبنا، وتلك الدماء والمذابح هي نصيب المسلمين في هذا الزمان.
أوضاعنا جزء من أزمة حضارية عميقة ندفع ثمنها الباهظ على كل صعيد.
الغرابة إذاً ليس فيما يسمونه ظاهرةً أصولية، ولكن الغرابة في عدم ظهورها. وإن التساؤل الذي يجب أن يُطرَح: لماذا تأخرت الظاهرة حتى الآن؟!.
وسوم: العدد 806