يدخل الحراك الشعبي السلمي الجزائري الذي أبهر العالم وأدخل الأمل والترقب لدى الشعوب والنخب
مرحلة حاسمة من تاريخه سيما بعد إسقاطه لمشروع العهدة الخامسة من خلال مسيرات الجمع الثلاثة الماضية ومع دخول الرئيس جنيف بعد أسبوعين من الفحوصات الطبية وإعلانه في رسالة جديدة عن خارطة طريق يشرف عليها في مدة سنة خارج الآجال الدستورية المحددة لأن الرئيس ستنتهي عهدته في 28 أبريل 2019 وبقرار تأجيل الانتخابات ستدخل الجزائر في اللاشرعية ويتحول من رئيس للجمهورية إلى رئيس للدولة كما حدث سنة 1994 مع الرئيس اليمين زروال، وهي حالة تجاوزت فيها رسالة الرئيس الدستور الجزائري على اعتبار أنه لم ينص على مثل هذه الحالة وبدل أن يستجيب للمطالب الشعبية الرافضة لترشحه راح يمدد عهدته الرابعة بستة مبررات لا ترقى إلى مستوى طول موجة الحراك الشعبي. تقول المصادر: بأن الرئيس وبعد عودته من جنيف عقد لقاء لمجلس الأمن واستقبل قائد الأركان والوزير الأول والدبلوماسي المخضرم الأخضر الابراهيمي ليعلن بعد ذلك عن خارطة الطريق حيث تضمنت رسالته سبعة نقاط رئيسة ملخصها يعبر عن وجهة نظر السلطة للتفاعل مع الحراك الشعبي تبدأ بالاعتراف بأنه لم ينو الترشح لعهدة خامسة من الأول ليطرح سؤالا كبيرا لدى الرأي العام وهو إذا كان الرئيس لم يتقدم للترشح فمن قرر وضع ملفه لدى المجلس الدستور بتقديم خمسة ملايين توقيع. وتثني الرسالة بقرار تأجيل الانتخابات وتنظيم ندوة وطنية تناقش الوضع العام تشرف عليها شخصية مستقلة وتتوج بأرضية لدستور جديد تحت عنوان تغيير النظام وتحدد تاريخ الانتخابات الرئاسية قبل نهاية سنة 2019 كما تم تغيير الوزير الأول الذي احتج عليه الشباب المتظاهرين بعبارة ارحل وقدمت الحكومة استقالتها للرئيس وعين مكانه وزيرا أولا جديدا ونائبا له لأول مرة وخارج إطار الدستور الذي لا يتحدث عن وجود نائب للوزير الاول وهم على التوالي نور الدين بدوي وزير الداخلية الحالي ورمطان لعمارة وزير الدولة والمستشار الدبلوماسي للرئيس كما تم إنهاء مهام رئيس الهيئة العليا لمراقبة الانتخابات عبد الوهاب دربال. وهي خارطة طريق سبق للرئيس في رسالة ترشحه أن أعلن عنها تحت غطاء رئاسيات 18 أبريل 2019 ولما رفضها الحراك الشعبي السلمي في الجمعة الثالثة غيرت الخطة من الترشح للرئاسيات دستوريا إلى تمديد العهدة الرابعة بسنة. ماذا قال الحراك والمعارضة؟ مباشرة بعد الإعلان عن هذه الاجراءات خرجت الجماهير في الليل تعبر عن فرحتها بإسقاط الخامسة ورفض خارطة الطريق تحت مقولة (نحن نقول لهم الشربة مالحة وهم يستبدلون لنا الملاعق). وهو ما عبر عن مستوى عال من الوعي السياسي والقانوني أيضا فرغم حالة الفرحة بفرض خيار العدول عن الخامسة على السلطة والتي أرادت بعض وسائل الإعلام الاستثمار فيها وكأن الشعب قبل رسالة الرئيس إلا أن وعي الشباب والنخب السياسية تفطن الى المناورة التي قامت بها السلطة تحت عنوان أن الرئيس استجاب لمطلب الحراك الكبير وهو لا للعهدة الخامسة وتوالت المواقف السياسية والشبابية الرافضة لهذا الالتفاف وخرج صبيحة اليوم طلبة و أساتذة الجامعات الذين تحدوا وزير الجامعات رافضين لقراره القاضي بتعجيل عطلة الربيع وإخراج الطلاب من الأحياء الجامعية، وهو ما سيعجل برحيله في الحكومة القادمة بلا شك. حالة الرفض هذه تعممت لدى كل الفاعلين في الحراك الشعبي السلمي الذي سيتجدد الجمعة القادمة الرابعة ليعلن عن رفضه الصريح لمناورات السلطة الحالية. التي ماتزال تعاني من عاهات سياسية مزمنة شكلت لها إعاقة مستدامة تحول دون فهمها واستيعابها لرسائل الشعب الجزائري الذي أبان عن وعي سياسي ومجتمعي عال عكس الصورة المسوقة عنه سابقا. فكيف ستتطور الأحداث في الجزائر؟ وهل بقيت هنالك أوراق ستلعبها السلطة بعد أن احترقت أغلب خرائطها القديمة سيما بعد أن خرجت من دائرة الدستور رغبة في ضمان نصاب البقاء؟ وبالعودة إلى رسالة الرئيس الأخيرة التي لمحت إلى بعض المبررات التي جعلت كتاب الرسالة يخرجون عن الدستور سيما في المقدمة والبند الأول والثاني ووصف الحراك بشتى نعوت الإيجابية بلغة دبلوماسية رفعت من مقام الحراك بغرض استيعابه ويبدو أن صانع القرار كان ينتظر مقبولية لخارطة الطريق سيما بعد أن دعت المعارضة في بيانها ولقائها الأسبوع الماضي إلى تأجيل الانتخابات وهو سيقيم الأوضاع بعد الجمعة الرابعة التي ستكون معبأة بشعارات عالية السقف سيما بعد إعلان فرنسا دعمها لخارطة طريق الرئيس وهو استفزاز جديد يضاف إلى حالة الرفض الكبيرة نظرا لحساسية الشعب الجزائري للتدخل الأجنبي ولفرنسا على الخصوص. لأن مثل هكذا ظواهر كلما زاد تعنت واستخفاف الأنظمة بمطالب الشعوب كلما زاد سقف المطالب راديكالية، وهو عتبة مرتفعة التوتر وكأن بهذه الأنظمة لم تستوعب بعد ظاهرة الحراك الشعبي العام رغم تجارب الماضي سواء في الجزائر أو في غيرها وتتعامل معه بالاعتماد على فرض مناخ القوة ومنطق تسير أو تكسر. وفي المقابل يتعامل الشعب الجزائري بوعي كبير بالمخاطر التي تهدد الأمن العام لأنه يعلم بأن أي انزلاق للأوضاع سيكون مبررا كافيا لاستخدام القوة المفرطة والصدام مع القوى الأمنية وبالتالي ذهاب ريح الحراك السلمي. الجميع يخاطب ما تبقى من عقل وخبرة ورصيد في عقل صانع القرار ألا يبرر خارطة طريقه الأحادية والتي لم تصغ بطريقة جماعية بين النظام السياسي والقوى السياسية والاجتماعية والنقابية والمجتمعية حيث ماتزال منظومة الحكم تتعامل بمنطق الوصاية على شعب خرج حتى تلاميذ الابتدائيات عن وصايته في مسيرات لم نرى مثلها في تجارب الانتقال الديمقراطي في العالم. قلت ألا يبرر خارطته باستخدام المادة 107 من الدستور بعد أن داس عليه والتي تتعلق بإقرار الحالة الاستثنائية من طرف رئيس الجمهورية، حيث إن شروطها غير متوفرة حاليا، لكنه قد يصطنعها لتمرير مشروع التمديد وهي أن تكون البلاد مهددة بإحدى المخاطر التالية: 1. إصابة مؤسسات الدولة بالشلل 2. على اعتبار أنها من الشعب وإليه كما قال قائد أركان الجيش الفريق قايد صالح في خطابه الثالث والأخير بأن الجيش والشعب يتقاسمان رؤية مستقبلية واحدة وأن الجيش من صلب الشعب .
وسوم: العدد 815