تزوير التاريخ والآثار حسب النهج الإسرائيلي
باحثان إسرائيليان من الجامعة العبرية، وجدا حائطا كبيرا في "تل لخيش" أشعل من جديد النقاش بين الأثريين حول مصداقية قصص التوراة. حسب ما قاله الباحثين ان تاريخ الحائط يعود لأيام رحبعام الذي بعد وفاة والده الملك سليمان، طبعا حسب قصة التوراة (هناك من يعتبر سليمان نبيا) أعلن ابنه رحبعام نفسه ملكاً على بني إسرائيل. العديدون من علماء التاريخ والآثار اليهود يشككون او ينفون وجود الملك سليمان وانه مجرد اسطورة – مثلا كتاب "التوراة اليهودية مكشوفة على حقيقتها" لمؤلفان عالمان يهودي إسرائيلي وامريكي يشككان بوجود الملكين داوود وسليمان وانهما اساطير توراتية، تجدون الكتاب بالأنترنت (لكن تجاهلوا مقدمة المترجم الغبية)، لمن يعرف العبرية اسم الكتاب(ראשית ישראל)، كما اسلفت نسف الباحثان وهما بروفسور يسرائيل فنكلشتاين من قسم علم الآثار بجامعة تل ابيب، ونيل سيلبرمان عالم آثار أمريكي يهودي، قصص التوراة الأساسية مثل الخروج من سيناء وعجائب موسى ورحلة احتلال يشوع بن نون لأرض الميعاد اذ تبين مثلا أنها آثار هسكوسية وليست يهودية، وكتبوا انه على الأغلب الملك سليمان وداوود هما اسطورتان، مؤكدين انه لا علاقة بين التوراة وارض إسرائيل. الى جانب مقال هام لباحث إسرائيلي من جامعة تل ابيب هو البروفسور زئيف هرتسوغ _ حيث أتناول تلخيص مقاله وموقفه بهذا النص.
قبل ان تقرأوا اهم ما جاء في مقال هرتسوغ، بعض علماء الآثار اليهود يدعون ان كشف هذا الحائط يثبت ان مملكة يهودا اتسعت وتحولت الى مملكة هامة أكبر مما كانوا يعتقدون. علماء آثار انتقدوا هذا الادعاء وقالوا انه لم يُثبت ان ما وجد له رابط بمملكة يهودا. حسب علماء آثار آخرين يعود هذا الحائط الى القرن العاشر قبل الميلاد. أي ان الحديث هو عن الفترة الكنعانية، حسب التوراة أيضا. لنتركهم يتعاركون ونواصل تسجيل مواقف علماء لا يتاجرون بعلمهم!!
بلدة تل لخيش الكنعانية كانت بلدة متطورة وكبيرة وهامة في القرن الثاني عشر قبل الميلاد وقد خربت واختفت من التاريخ.
السؤال هل أصبحت الحضارة والتاريخ والمباني الكنعانية الأثرية والفتوحات الهسكوسية، اثارا لدولة يهودية متخيلة؟ مثلا مدينة القدس:
أُطلِق على القدس اسم يبوس، وهو نسبة إلى اليبوسيين (يبوس هو اسم ملكهم أيضا) الذين اعتُبِروا البُناة الأوائل لمدينة القدس، أطلق الكنعانيون الذين سكنوا مدينة القدس وطوروها كعاصمة لهم، قبل العبرانيين طبعا وأطلقوا عليها اسم "أور سالم"، اليهود في بلاد كنعان كانوا مجرد قبائل قليلة العدد، ويُقال إنَّ هذا الاسم "اور سالم" بابلي الأصل، وهو مشتق من اللغة الآرامية القديمة، ثمّ تحوَّر من الكنعانية إلى يرو ساليم باليونانية وإلى أورشاليم بالعبريّة.
بروفسور زئيف هرتسوغ هو عالم آثار إسرائيلي كلفته حكومة إسرائيل بالكشف عن إسرائيل القديمة نشر مقالا في صحيفة هآرتس قبل سنتين يلخص به نشاطه الذي استمر عشرات السنين للكشف عن إسرائيل القديمة، نفي به قطعيا وجود إسرائيل القديمة ـ وفيما يلي اهم ما طرحه في مقاله.
بروفسور زئيف هرتسوغ، هو عالم آثار وأستاذ في دائرة الآثار وحضارة الشرق القديم في جامعة تل أبيب، والذي أسندت إليه الحكومة الإسرائيلية العديد من مشاريع التنقيب عن الآثار في الأراضي الفلسطينية المحتلة، قام في تشرين أول عام 1999 بنشر مقالة في ملحق جريدة هآرتس اعترف فيها بما كان قد وصل إليه علماء آثار عالميون منذ عقود، فكتب يقول:
“إن سكان العالم سيُذهلون، وليس فقط مواطنو إسرائيل والشعب اليهودي، عند سماع الحقائق التي باتت معروفة لعلماء الآثار الذين يتولون الحفريات منذ مدة من الزمن. فبعد الجهود الجبارة في مضمار التنقيب عن "إسرائيل القديمة" في فلسطين، توصل علماء الآثار إلى نتيجة مخيفة، فلم يكن هناك أي شيء على الإطلاق يدل على وجود اليهود في فلسطين، وحكايات الآباء التوراتية هي مجرد أساطير. لم نهبط من مصر، لم نحتل فلسطين، ولا ذكر لإمبراطورية داود وسليمان. إن المكتشفات الأثرية أظهرت بطلان ما تضمنته النصوص التوراتية حول وجود مملكة متحدة يهودية بين داوود وسليمان في فلسطين."
متى ينشط علماء آثار فلسطينيين وعرب لمواجهة الأكاذيب التي تروج، طبعا مع الاحترام للعلماء اليهود الذين يرفضون ان يحولوا علمهم وخبراتهم الى تجارة سياسية في خدمة الاحتلال والتنكر لوجود شعب كنعاني فلسطيني جذوره ضاربة بأعماق فلسطين؟!
وسوم: العدد 821