وعاد المجلس الوطني.. لـ"حضن" الائتلاف...
وعاد المجلس الوطني.. لـ"حضن" الائتلاف...
عقاب يحيى
وعاد.... مكللاً... بتيجان وضع غرائبي... يطرح عشرات الأسئلة عن تركيبتنا.. ومدى عمق الصدق والالتزام فيها..وعن وعي القرار ومداليله.. ونتائجيته، ومفاعيله..
عادت " كتلة المجلس" عوداً أحمداً ..". و....البقية في بطن الأسئلة..
ـ حين اتخذت الأمانة العامة للمجلس الوطني قراراً بالانسحاب من الإئتلاف ـ إن هو قرر الذهاب لجنيف ـ كان صراخ البعض قوياً يثقب آذان الصراخ، والصراخ أنواع، وفنون، وأكثره من النوع المجون.. هؤلاء الذين يلحسون كلامهم في لعابهم، ويمضغون تسويق المبررات..ثم يحنون رؤوسهم، كما اعتادوا... ويأتونك بأكوام الألفاظ الممزوجة بالإدغام، واللبس، والرائحة ...
ـ لم يلتزم سوى قليل بالقرار.. وفي وقت كان صراخ الصراخ يعلو أثناء اتخاذ القرار بالذهاب لجنيف.. كان العديد من أعضاء المكتب التنفيذي، والأمانة العامة في المجلس الوطني قد ضبّوا زوادة الرحيل، وامتطوا الرواحل لجنيف غير آبهين بالقرار، ولا بصراخهم قبل أيام..وبعضهم لوى عنقه في "لفحات" جديدة، أو تحت ياقات "تستر" برد جنيف، وعدسات التصوير الفاضحة..ثم أظهر بطولاته على ضوء"الانتصارات" الخارقة" التي تحققت هناك ب"فضل" شطاراته....بما جعل من قرار المجلس الوطني حالة تصلح للتندر، ولكتابة مطولات في تركيبة السوري..... بعد الثورة.. وفي هذه الظاهرة، الظاهرات الخارقات.. التي تتسابق في كل الأمكنة، وهي تمضغ علكة المزاودات المعطّرة بأوشام الوعي المتنقل، والوعي الزاحف على بطن الحقائق، والوعي اللاهث خلف اللهاث، والوعي "الحداثي" يلتهم المبادئ.. التي بها يتشدقون.. والممانعات التي كانوا يطيلون تدبيج القصائد بها..وذلك الباطني الذي يظنّ انه فهلوي، وأن تكتيكه من النوع الإعجازي الذي لا يمكن فهمه، ولا كشفه.. ولا حتى الاحتجاج عليه.. فهو مع وضد بآن.. وعليك ان تحل اللغز بطريقة الحزازير..أو لوي عنق الحقائق لفكفكة أطواق الجنازير..
***
كان السؤال كبيراً : حين اتخذ قرار النيّة بالانسحاب...ترى أي حجم من التقدير الواقعي لفّ حاضنة الأجواء، وسيطر على الاندفاع؟..وعلى تلك التوصيفات القاسية لجنيف وحضوره، ومخاطر المشاركة..؟..وقيل أن القرار اتخذ بالإجماع، أو ما يشبه الإجماع..وما هي الطوارئ العاصفة التي أدّت لأن يبقى قلة تعدّ على أصابع اليد هي من احترم القرار.. وتمسّك به، ولو إلى حين ؟؟...بينما فلت الكلام من بين اصابع الواقع وهرب إلى دهاليز المشاركة؟..
ـ القرار يطرح أسئلة كبيرة عن طبيعة تكوين هذا النوع من القيادات التي وضعتها ظروف طارئة في مواقع القيادة. عن مستوى احترام القرار في نخب يفترض أن تكون ملتزمة بما تقرر، وواعية لخلفيات القرار وملابساته، وآفاقه، وانعكاساته..
ـ والقرار يطرح، ايضاً، وايضاً المسافة المتسعة بين الظاهر والباطن. الصراخ وحقيقة ما يكمن في الدواخل.الاستعراض والانتفاع والانتهازية.. وحسن التقدير..
ـ والقرار الذي لم يلتزم به سوى عدد قليل يوجه صفعة لوعينا.. في تشكيله، ثم في عودة النكوص عنه..وحين هددت "الهيئة السياسية" للإئتلاف، الأعضاء المنسحبين بقبول انسحابهم خلال 48 ساعة، والطلب إلى مكوّناتهم استبدالهم، وهي التي أكل الزمن شرعيتها، وهي التي ليس من صلاحياتها ما قامت به..دبّج البعض رسائل التوضيح... وكأن الانسحاب لم يكن سوى مزحة، أو شدّ عضلات الوجه لإبراز ما تحتها من عضلات تخويف، وكأن القرار بأصله، وفصله مجرد زوبعة في فنجان المعهود... ينتظر قارئة فنجان، أو قارئ كفّ، أو ضارب رمل يعطي التائهين بوصلة للعودة الميمونة...ويطمئن الخائفين على مستقبلهم المضمون في حاضنة الإئتلاف الزاخرة بالأماني..
***
من جهتي.. كنت متضامناً مع عودة جميع المنسحبين.. في الكتلة التي انسحبت إثر الانتخابات.. احتجاجاً على مجموعة من النقاط جاءت في بيان لها، او في كتلة المجلس الوطني.. وكنت أتمنى ألا يكون الانسحاب ورقة ضغط سرعان ما تثقبه عديد الوقائع التي أعرفها..بتسجيل الاعتراض على قرار لا يوافق عليه كثير، وحتى تسجيل التحفظات على عدم شرعيته بالتصويت، وطريقته، وغير ذلك من ملابسات معروفة..ذلك أن الانسحاب إما أن يكون نهائياً، وإلا فإنه لا وجود لحالات مبّردة من انسحابات مؤقتة في النظام الأساسي، ولا في معهود العمل السياسي، خصوصاً وأن العودة لم تقم على جديد يحذف مبررات الانسحاب..
ـ كنت متحمساً طوال مسافة هذه الفترة لحوار الأخوة المنسحبين من منطلق أهمية تفاعل جميع مكونات الإئتلاف، والحرص على وجود الاتجاهات، والآراء المختلفة، وضد الذهن الإقصائي، الشللي.. ولذلك، وبغض النظر عن ملابسات قرار كتلة المجلس الوطني، وعودتها ـ أو عودة ما تبقى منها..فإن وجودهم مهم في الإئتلاف خاصة في هذه الفترة التي يجب أن يقوم بمراجعة جادّة للحصائل، والبدائل، وانتخاب هيئة سياسية أكثر تمثيلاً، وجدارة في قيادة المرحلة الصعبة القادمة..وأن يتعاون الجميع، بروح المسؤولية العامة، للنهوض بالأعباء الكثيرة، والمرحلة الخطيرة التي تواجه الثورة، والتي نتحمل قسطاً كبيراً من المسؤولية فيما آلت إليه الأوضاع في مختلف المجالات ..