ما لم يقله ترامب
تصريحات الرّئيس الأمريكي ترامب الأخيرة بخصوص محادثته مع الملك السعوديّ، والتي تتعدّى حدود الوقاحة، ليست جديدة ولا مفاجئة، فهي إعلان صريح بأنّ أمريكا هي الحامية للعائلة المالكة في السّعودية، وهذا تصريح مجتزأ لأنّ أمريكا تحمي العديد من الأنظمة العربيّة، ومنها دول الخليج جميعها. وهذه الحماية ليست لسواد عيونهم، بل لأنهم حرّاس للمصالح الأمريكيّة في المنطقة، وسمحوا لأمريكا بالسّيطرة على منابع النّفط، الذي تستخرجه وتسوّقه الشّركات الأمريكيّة وبعض الشّركات الأوروبيّة، وتأخذ نصيب الأسد من مردوده الماليّ.
وأمريكا التي ترى أنّها شرطيّ العالم، خصوصا منذ بدايات تسعينات القرن الماضي بعد انهيار الاتحاد السّوفييتي ومجموعة الدّول الإشتركيّة التي كانت تدور في فلكه، ولا تتوانى من ممارسة إرهاب الدّولة لقمع الشّعوب، مثلما تفعل بترسيخ الاحتلال الاسرائيلي للأراضي العربيّة، ومثل ما جرى ويجري في العراق، سوريّا، ليبيا، اليمن، فنزويلا، الصومال وغيرها.
وما لم يقله ترامب عن السعوديّة وعن غيرها من أنظمة الخليج التي تدفع لأمريكا دون حساب، أنّ هذه الأنظمة تدفع تكاليف احتلال بلدانها وثرواتها من قبل القواعد العسكريّة الأمريكيّة المنتشرة في المنطقة، وهذه القواعد لا يقتصر دورها على حماية الأنظمة، بل هي في الأساس لمواصلة السّيطرة على مصادر الطّاقة، ولتكون متقدّمة في المنطقة لحماية اسرائيل من احتمالات نشوء أيّ قوّة يمكنها تهديد اسرائيل أو كبح أطماعها التّوسّعيّة، يضاف إليها أنّها قريبة من حدود دولتين عظميين هما روسيا والصّين. وبهذا فإنّ المال العربيّ الذي يدفع لتمويل نفقات القواعد الأمريكيّة ليس فقط لحماية أنظمة بعينها، بل يتعدّاها لتهديد أمن دول أخرى، ومن هذه الدّول إيران التي تسعى لتكون الدّولة الإقليميّة الأولى في المنطقة، وأمريكا التي تحكم حصارها لإيران، لا تقتصر حماية هذا الحصار على الأساطيل البحريّة الأمريكيّة التي تجوب بحار ومحيطات العالم، بل ستشارك فيه القواعد العسكريّة الأمريكيّة في المنطقة، وفي حال قامت ايران بإغلاق مضيق هرمز أمام الملاحة الدّوليّة، ومنعت حاملات البترول التي تنقل بترول دول العربان من عبور ذلك المضيق، فإنّ احتمالات تعرّضها لضربات صاروخيّة وجوّية أمريكيّة تنطلق من دول عربيّة كبيرة جدا، وبالتّالي فإنّ الردود الإيرانيّة ستستهدف هذه القواعد، أي أنّ الأراضي العربيّة ستكون ساحة حرب، وستدخل جيوش هذه الدّول حربا لا ناقة لها فيها ولا جمل.
وسوم: العدد 822