خوف الثوار: أهو من سرقة الثورة (الوسيلة) ، أم من سرقة السلطة (الهدف)؟
الخوف على الثورة ، من السرقة ، هو خوف مشروع ! فلطالما سُرقت ثورات ، ضحّت الشعوب فيها ، بالأنفس والأولاد ، والأموال والأوقات .. سرقها لصوص ، يجيدون سرقة الثورات .. لصوص ليسوا من النوع العادي ؛ فهم متمرّسون ، بسرقة السلطات ، من أصحابها الفعليين .. وهم لصوص ، من الطراز الفريد ، من أصحاب الملابس الفاخرة ، والألسنة المعتادة على النفاق ، والأدمغة المتدرّبة ، على المكر والدهاء ، وعلى المتابعة الدقيقة ، لأقوال الآخرين وأفعالهم ، واستقراء طموحاتهم ونيّاتهم ، وما يستطيعون تحقيقه منها ، وما هو مجرّد أمانيّ وأحلام !
خوف قديم متكرّر: والخوف من سرقة الثورات ، هو خوف قديم ، متكرّر، من سنين طويلة ، عبر الزمان والمكان ؛ إذ يتصدّى المخلصون المتحمّسون ، للسلطات المستبدّة الفاسدة ، ويعرّضون أنفسهم وأهليهم ، لعسف هذه السلطات وجورها .. فيُحبس بعضهم ، ويُقتل آخرون ، ويشرّد الكثيرون ، من بيوتهم وأوطانهم ، ويُحرم الكثيرون ، من أرزاقهم ، ومن مصادر رزقهم .. حتى تصل الثورة ، إلى هدفها ، الذي هو (السلطة المسروقة ، من الشعب) .. ليعود فيسرقها ، لصوص جدد ، لمْ يُوجِفوا عليها ، من خيل ولاركاب ، ولاضحّوا بنفس ، أو ولد، أو مال ، أو وقت ..!
خوف نابع من الوهم ، أو من ضعف القدرة على الحساب : وكثير من الخوف ، على الثورة ، من السرقة، هو هواجس ، نابعة من التوهّم ، أو من ضعف الحساب السياسي ، لدى بعض المتصدّرين لقيادة الثورة ! فهم ؛ بحرصهم عليها ، يعميهم الوهم ، عن النظر إلى الآخرين : شركاء الوطن .. و شركاء المعارضة .. والمفاتيح الأساسية ، في العمل السياسي والاجتماعي .. والمسنّنات القويّة ، المتشابكة مع قوى شديدة التأثير، في الحياة السياسية ، والاجتماعية ، والاقتصادية .. وهكذا !
خوف يدمّر الثورة ؛ بحرص كلّ طرف ، على الإمساك بسائر مفاصلها: وبحرص كلّ شريك ، في الثورة، على الثورة ، وبادّعاء كلّ مؤيّد للثورة ، بأنها ثورته ، وأنه أبوها وأمّها ، والوصيّ عليها.. بهذا ، كلّه ، تتمزّق القوى : المشاركة في الثورة ، والمناصرة لها .. ويكيد كلّ فريق فيها ، للآخرين ! فيستغلّ أعداء الثورة ، هذه التمزّقات ، ويغرون بعض أطرافها، بالانضمام إليهم ! كما يحرص اللصوص ، على سرقة السلطة ، بعد أن يتكبّد الناس فيها ، أنواعاً كثيرة ، من العناء ! أمّا المتسلّقون على الثورة ، والمتكسّبون منها ، فهم كثيرون ، في كلّ زمان ومكان .. !
وسوم: العدد 822