الأستاذ ميشيل كيلو ومشكلته مع الإسلام السياسي
لقد عودنا الأستاذ ميشيل كيلو عندما يتكالب الأعداء على جماعة الإخوان المسلمين أن يدلي بدلوه الذي ينضح برائحة الشماتة، فها هو ذا يدبج مقالاً تحت عنوان (إسلام سياسي في محنة) نشر يوم 4/5/2019 يفند فيه الأسباب التي دعت الرئيس الأمريكي ترمب لنيته في تصنيف جماعة الإخوان المسلمين بتنظيم إرهابي فيقول:
(شهدت العقود القليلة الماضية انحدارا متسارعا في مكانة الجماعة، بين محطاته المفصلية حكم الرئيس محمد مرسي في مصر الذي اختط نهجا سياسيا قوّض صدقية الجماعة في العالم العربي، بمناقضته ما جاء في نصوصها بشأن الخيار الديمقراطي، وإقدامه على تحويل انتفاضة شعبية هائلة إلى انقلاب إخواني انفردت به الجماعة، كأنها أنجزته وحدها، كما حوّل الانتفاضة ضد النظام إلى انقلابٍ ضد الدولة، لاعتقاده أنه توجد دولة إسلامية، والظرف الشعبي مناسب لإقامتها).
صديقنا العزيز ميشيل كيلو الذي نكن له كل احترام كونه من أبرز وجوه المعارضة السورية، وإن اختلفنا معه في بعض الأمور، فلم يكن الخلاف ليفسد بيننا قضية، فالذي يجمعنا أكثر بكثير مما يفرقنا، وميشيل كيلو يعلم قبل غيره تعاطفنا معه في محنته يوم أودع السجن، وإعلان فرحنا بحريته التي نالها، ودبجنا المقالات معبرين عن مشاعرنا الجياشة نحوه، ولكن ولله في خلقه شؤون، يأبى صديقنا إلا أن يعادي الجماعة ويقلل من احترامها ويسمها بما ليس فيها، ونسأل الصديق ميشيل: كيف لك أن عرفت أن الجماعة أرادت الاستحواذ على ثورة مصر وهي التي ضحت بمئات الشباب على مذبحها كي تنجح وتنتصر، وعندما فاز الرئيس الشرعي لمصر الدكتور محمد مرسي بانتخابات حرة نزيهة تألب عليه كل من تصدر الثورة وركبها لإفشاله ووضع العصي في عجلات حكومته، للحيلولة دون نجاحه، إنها الأوامر من الخارج وأنت أعرف الناس بأولئك الذين يعطون الأوامر، حتى لا تكون مصر العروبة قلعة للديمقراطية والحرية والكرامة، وعلى عكس ما تدعي بأن نهج مرسي قد قوض صدقية الجماعة في العالم العربي.
لقد كان نهج مرسي نهج الرئيس المؤمن بحق الشعوب في الحرية والعدالة والديمقراطية، وهذا ما عجل بالانقضاض عليه وعلى حكومته، في ليل بهيم عبر انقلاب تزعمه عسكري خائن، بمؤازرة قضاة منحرفين، وعلماء ورجال دين مدلسين، وحفنة من تجار السياسة وُعدوا بأن تكون مناصب الدولة لهم، حتى إذا ما نجح الانقلاب الغاشم على مرسي أُلقوا في الشارع لتحتضنهم مزابل التاريخ، والعار يلاحقهم إلى يوم الدين.
ثم يعرج الصديق ميشيل إلى تجربة السودان فيقول: (لم تكن تجربة عمر البشير في السودان أفضل، على الرغم من أن ثلاثين عاما في السلطة كانت كافية لمراجعة نهجه وإصلاحه، لكنه بادر إلى بناء نظام شمولي وقمعي من طراز أسدي).
إلى أن يقول: (من الذي يمكنه بعد البشير تصديق وعود الجماعة التي ربما لم يكن عضوا فيها، إلا أنه كان مقربا منها، ولم تتنصل منه)؟
يا سبحان الله ما هذا التلون عند الصديق ميشيل كيلو فتارة يؤكد أن عمر البشير إخوان ثم يعاود فيقول قد يكون: (ربما لم يكن عضواً فيها، إلا أنه كان مقرباً منها).
وأسأل الصديق ميشيل كيلو: لماذا تريد أن تربط بين البشير وجماعة الإخوان المسلمين وهما لا رابط مشترك بينهما فلكل منهما منهجه وسلوكه وثقافته وأسلوبه، وما تقوله مجانباً للحقيقة والإنصاف، فعندما أصبح الدكتور محمد مرسي رئيساً لمصر كان قدوة في العدل والحق والنزاهة، ولو أتيح له إكمال مدته الدستورية الشرعية لوجدت مصر هرماً بين الدول، قوة ومنعة وعزة تناطح أكبر قوى العالم في مناحي الحياة كافة، ولكن أبى المضللون وأذناب موسكو وطهران وواشنطن وباريس ولندن أن يروا مصر في مصافي الدول الراقية والمتحضرة، والدائنة وليست المدينة.
أما عن قولك بأن (إخوان سورية لم يحملوا العبء الأكبر من المعركة ضد من ارتكبوا جرائم مرعبة باسم الإسلام. ولم يتصدّوا هم أو أي طرف إسلامي لمرتكبيها من مجرمي تنظيم الدولة الإسلامية -داعش).
يا سبحان الله وهل كان للجماعة فصائل مسلحة حتى تواجه هذه الجماعة المارقة وتحاربها، وهي لم تقصر في دعم كل فصيل وقف في وجهها، ولم تقصر في إرسال دعاتها إلى كل مكان في سورية لينبهوا الناس من أخطار هذه المجموعة الباغية، واستشهد العشرات من أولئك الدعاة على يد هذه الفئة الباغية، وقام العشرات من كتابها ومفكريها عبر كل وسائل الإعلام التي وصلوا لها بالتنبيه من خطر هذه الفئة الباغية على الثورة والإسلام والمسلمين وعامة الناس.
صديقنا ميشيل كيلو اطمئن فالجماعة وبحمد الله رغم ما تمر به من محنة ومن تكالب الأعداء عليها من القريب والبعيد، فأنها ستظل شجرة باسقة لا يطاولها الأقزام مهما حاولوا.
وسوم: العدد 825