هل أصبحَ اتفاقُ سوتشي من مُخلَّفات الماضي؟
يرى عددٌ من المراقبين أنّ اتفاق سوتشي الموقع بين تركيا و روسيا بخصوص إدلب، في: 17/ 9/ 2018م، قد أصبحَ من مُخلَّفات الماضي، و ليس ثَمَّة داعٍ يحمل على السير فيه، أو الالتزام ببنوده مجددًا، في ظل التصعيد العسكري، الذي تقوده روسيا على عموم منطقة خفض التصعيد الرابعة.
في حين هناك من يرى غير ذلك، فعلى الرغم من دعم تركيا الواضح للفصائل المسلحة، للوقوف في مواجهة هذا التصعيد على شمال حماة و جبهة الساحل، فإنّها و روسيا ما تزالان غير راغبتين بنسفه، وإنهاء العمل ببنوده العشرة، و ذلك مراعاةً منهما لجملة من الأمور:
ـ حرصًا منهما على إبقاء نوعٍ من التنسيق قائمًا بينهما في الملف السوريّ؛ ضمن مسار أستانا؛ خدمةً لملفات أخرى ينسقان فيها، فضلًا على عدم التفريط بما أنجز بينهما مع الشريك الإيراني، في مواجهة التحالف الدوليّ الذي تتولى أمريكا قيادته في شرق الفرات.
ـ سعيهما للولوج في العملية السياسية في سورية، مع فارق في التقدير لحدود و مضامين هذه العملية، فروسيا تريدها بعيدًا عن مقررات " جنيف1"، و مسارات مقررات قرار مجلس الأمن " 2245 "، و هو الأمر الذي لا توافق عليه تركيا، اِلتقاءً مع الرؤية الأمريكية و الأوربية.
ـ إنّ إعلان الفشل يعني تفعيل الحل السياسي عبر جنيف، من دون أية عودة أو إشارة إلى ما يزعمون أنها إنجازات أستانا، التي تولّت كلتا الدولتين كبرَه، و أعلنت نفسها ضامنة لفريق من الأطراف المحلية المنخرطة فيه.
ـ إدراكًا منهما بأنّ انهياره أمرٌ لا يصب في مصلحتهما العليا، فروسيا ستكون في وضع حرج بعد ثلاث سنوات من التدخل العسكري المباشر، بعد عجزها عن ترجمته إلى مكاسب سياسية وفق رؤيتها، و تركيا لن تفرط بملف إدلب التي تشكل عمقًا لأمنها القومي على حدّ تعبير مسؤوليها، و هي في حال انكفأت من إدلب و قامت بسحب نقاط مراقبتها، فسيكون ذلك مقدمة لململة أوراقها في منطقتي غصن الزيتون و درع الفرات.
ـ حرصًا منهما على عدم الإقرار بفشل الجهود المشتركة، في إطار التنسيق في الملف السوريّ، فذلك في حال حصوله في هذا الظرف الدولي الراهن يعدّ انتحارًا سياسيًا؛ لأنه سيعني التشكيك بقدرتهما على لعب دور في التسوية السياسية المرتقبة.
و عليه: إلى متى سيبقى موقفهما على ما هو عليه، وهل تستطيع جهودهما السياسة احتواء الموقف المتأزم في إدلب، و إعادة الأمور إلى ثانية سكة سوتشي؟
وسوم: العدد 826