لمن تدين الجيوش العربية بالولاء للشعوب أم لقواد يطبقون إملاءات قوى خارجية ؟

لقد أكدت ثورات الربيع العربي للشعوب العربية أن جيوش بلدانها لا تدين لها بالولاء ، وأن ولاءها  لقوادها الذين يطبقون أجندات قوى خارجية ، وما حدث في مصروسوريا ، وما يحدث الآن في ليبيا والسودان والجزائر يشهد على ذلك .

لقد كان من المفروض أن يحمي الجيش المصري الذي كان  يا حسرتاه طليعة الجيوش العربية في الحروب مع المحتل الصهيوني التجربة الديمقراطية غير المسبوقة في مصر لتكون إسوة  باقي دول الوطن العربي بعد مخاض ثورات ربيعه إلا أن هذا الجيش مع شديد الأسف اختار أن يتصرف خلاف إرادة شعبه ، وأن يكون أداة لقمعه والإجهازعلى ثورته التي كان يرجى منها أن تكون بداية  تحول في الوطن العربي بأسره ما دامت مصر كانت دائما تعتبر قاطرة هذا الوطن  كما يقال . ولقد رضي هذا الجيش أن يتخلى عن مسؤوليته أمام الله عز وجل وأمام التاريخ وأمام الأمة العربية ، وأظهر الطاعة لقيادة مشبوهة سخرت للانقلاب على الشرعية والديمقراطية بتخطيط أطلسي وتمويل خليجي . ولقد أثبت موقف الغرب من الانقلاب الدموي  في مصر تورطه فيه بل أكد الوقوف وراءه لأنه كان يعد طبخة ما بات يعرف بصفقة القرن المشئومة التي يراد بها التمكين للاحتلال الصهيوني في فلسطين المحتلة على حساب شعبها الذي هجّر جزء منه خارج وطنه من قبل ، وسجن وحوصر الجزء الآخر. والصفقة إنما هي مؤامرة خسيسة من أجل عملية تهجير أخرى كي يحكم الاحتلال قبضته على أرض احتلها بالقوة .

يحدث كل هذا والجيش المصري  يضع زمام أمره بيد المنقلب على ثورة الشعب ، والذي يدين بالولاء للكيان الصهيوني وللغرب الأطلسي الداعم له دعما لا حدود له . والتاريخ يسجل هذا الموقف المخزي لهذا الجيش الذي كان عليه المعول بعد الله عز وجل لتخليص فلسطين الأسيرة من أسرها .

وبعد أن أسلس الجيش المصري قياده لانقلابي مستبد يأتمر بأمر الغرب الأطلسي حذت جيوش عربية أخرى حذوه في الإجهاز على ثورات الربيع العربي حيث سار الجيش العربي السوري على خطى الجيش المصري ، فاختار الوقوف مع جلاد الشعب الذي دمر الإنسان والعمران ، واستعان بأعداء الأمة العربية  كالنظام الروسي والنظام الصفوي في إيران للتنكيل  شر تنكيل بالشعب العربي السوري.

 وفي ليبيا يحاول الجنرال السفاح الذي لم يقعده التقاعد أن يلعب نفس الدور الذي لعبه سفاح مصر وسفاح سوريا ،وذلك بالإجهاز على ثورة الشعب الليبي  وتقتيله وتدمير بلاده بأمر ودعم من الغرب الأطلسي وبتمويل خليجي .

وعلى خطى هؤلاء السفاحين يسير جنرالات السودان والجزائر ، وقد بدأت بوادر إجهازهم على ثورتي الشعبين السوداني والجزائري تلوح في الأفق ليتكرر نفس المشهد  المأساوي الذي كان في مصر وسوريا وليبيا ، وليتكرر دور الغرب الأطلسي والدور التمويلي الخليجي لمحو أثر ثورات الشعوب العربية في ربيعها الذي ظلت تحلم به طيلة عقود ، وهي تأمل أن تنطلق لاستعادة مجدها الضائع .

ولقد كان من المنتظر من الجيشين السوداني والجزائري أن يتنكبا مسار الجيشين المصري والسوري ، وأن ينحازا إلى شعبيهما ليحوزا العز الأقعس ،ولكنهما مع شديد الأسف اختارا غير هذا المسار المشرف ،فطار جنرال السودان إلى الخليج حيث يمول الإجهاز على ثورة شعبه بأمر من الغرب الأطلسي المتغطرس عوض أن ينزل إلى ساحات الاعتصام لمعانقة الشعب والاحتماء به  عوض التهافت على التمويل الخليجي المشبوه  .

ولا شك أن جنرال الجزائر أيضا على اتصال دائم بمصدر الإملاءات في الخارج ولن يكون هذا المصدر سوى  فرنسا محتل الأمس التي تتصرف وكأن أرض الجزائر لا زالت مستعمرة من مستعمراتها في القارة الإفريقية . وعوض أن  يعبر هذا الجنرال وأمثاله للشعب الجزائري عن حسن نيتهم وصدقها ، ويصونون ثورته ويحترمون إرادته ها هم يروجون  نفس الذرائع الواهية التي تم استعمالها في التسعينات لتبرير الإجهاز مرة أخرى على ثورة الشعب ، والقضاء على حلمه في خوض تجربة ديمقراطية حقيقية تنهي عهد ارتزاق شرذمة من الانتهازيين  بثورة الشعب الجزائري ، والذين اغتنوا الغنى الفاحش بذلك ، وهو ما يجعلهم يتشبثون بالسلطة لتشبثهم بما نهبوه من مقدرات الشعب ، وللافلات من المحاسبة والعقاب .ومن السخربة أن يتظاهر الجنرال  أمام الشعب بأنه يحاسب ناهبي ثرواته وهو على رأس هؤلاء الناهبين ، والشعب يضج بالمطالبة برحيله لأنه رمز من رموز نظام فاسد مفسد .

وأخيرا نقول متى سيصير ولاء الجيوش العربية لشعوبها عوض الولاء لضباط يسخرونها لما يملى ويمول خارجيا وذلك للحيولة دون تحقيق إرادة الشعوب ؟   

وسوم: العدد 826