صفقة القرن… رفضتها الدولة العثمانية وترفضها الدولة التركية
( سوشال ميديا)
لا يمكن أن يكون الموقف التركي اليوم تجاه “صفقة القرن” المشبـ.ـوهة مـ.ـنعزلا عن الموقف العثماني الذي اتخذه السلطان عبد الحميد الثاني رحمـ.ـه ال.ـ.له، الرافض لتسليم فلسطين للحركات الصـ.ـهيونية قبل 123 عاما، فرغم كل الاعتبارات العـ.ـصرية التي تحتم على تركيا رفض هذه الصفقة إلا أن النفس العثماني في هذا الرفض حاضر لا محالة.
فعام 1896 رفض السلطان عبد الحميد الثاني رحمه اللـ.ـه بيع فلسطين لرئيس الوكالة اليهودية “ثيودور هرتـ.ـزل” لتأسيس دولة صهـ.ـيونية تجمع الصـ.ـهاينة وثقافتهم ولغتهم في فلسطين، ويومها رد السلطان عبد الحميد على “هرتزل” بالقول “أنا لا أستطيع بيع حتى ولو شبر واحد من هذه الأرض (فلسطين)، لأن هذه الأرض ليست ملك لشـ.ـخصي بل هي ملك للدولة العثمانية، والله لإن قطـ.ـعتم جسـ.ـدي قطعة قطعة لن أتخلى عن شبر واحد من فلسطين”.
وفعلا استطاع السلطان عبد الحميد أن يحمي فلسطين والقدس والمسجد الأقصى، واستطاع أن ينسـ.ـف “صفـ.ـقة القرن” التي قدِم بها “هرتـ.ـزل”، ولم يتحقق حلـ.ـم الصـ.ـهاينة إلا بعد أن تلقوا الدعم ممن خانوا الأمة والإسـ.ـلام وفلسطين… وبعد أن أسقِطَت الخـ.ـلافة الإسلـ.ـامية العثمانية. وبعد كل هذه العقود الطويلة من الزمن، خرج علينا أحفاد “هرتزل” عام 2019 بمشروع جديد يحمل العنوان نفسه “صفقة القرن”… العنوان الذي رفضه السلطان عبد الحميد الثاني، مشروع جديد وما هو إلا استكمال لمشروع “هرتزل” وأحلام
الصـ.ـهاينة.
ولكن وكما اصطدموا أمس بالدولة العثمانية، فإنهم يصطدمون اليوم بوريثة تلك الدولة وتاريخها وحضارتها وقوتها تركيا… تركيا التي ترفـ.ـض رفضا قاطـ.ـعا هذه الصفقة المش.ـبوهة التي يمكن أن نختصرها بكلمات قليلة: هي صفقة الانبـ.ـطاح أمام الصـ.ـهاينة، صفقة بيع فلسطين والقدس والمسجد الأقصى، صفـ.ـقة التخلي عن شعب مظـ.ـلوم مضـ.ـطهد، صفقة بيع الـ.ـشرف والكرامة والنـ.ـخوة… صفقة التخلي عن الإسلـ.ـام والإيـ.ـمان.
الموقف التركي واضح في هذا السياق وقد أعلنه كل المسؤولين الأتراك وعلى رأسهم الرئيس رجب طيب أردوغان، أن تركيا لن تقبل بأي شكل من الأشكال أي طرح لا يتوافق مع رؤيتها ونظرتها ومسؤولياتها… لن تسير بأي مشروع يرفضه أهل فلسطين والمرابطون في القدس والمسجد الأقصى، وإلا فتلك هي الخـ.ـيانة لأولئك وللتاريخ ولعبد الحميد وللإسـ.ـلام.
العلاقات التركية (تركيا الجديدة) مع دولة الاحتـ.ـلال حاليا في أدنى مستوياتها، وتركيا اليوم ترفض إعادة تطبيـ.ـعها مع هذا الكـ.ـيان وترفض إعادة سفيرها إليه أو استقبال سفيره، ولا يوجد حاليا أي نية تركية لتحسين هذه العلاقة، ولكن القضية ليست مجرد طرد سفير أو سحب سفير أو بناء علاقات أو قطـ.ـعها، القضية قضية مبدأ ألا نسير في أي مشروع يهـ.ـدد ثوبتـ.ـنا ويسيء لتاريخنا وكرامتـ.ـنا، علنا نصل لزمن نستطيع فيه أن نسحق المشروع وأهله.
رغم كل الظروف المحيطة اليوم بتركيا، إلا أن أنقرة لن توافق على “صفقة القرن” سواء سار فيها هذا الرئيس العربي أو ذلك الملك أو ذاك الأمير… الحـ.ـرب على تركيا اليوم تشـ.ـتد بسبب رفضها لـ”صفقة القرن”.
يحاولون عرقلة التقدم العسكري التركي، يحاولون ضـ.ـرب السياحة في تركيا، يحاولون زعزعة الاستقرار الاقتصادي والمالي في تركيا، يحاولون دعم تنظيـ.ـمات إرهابـ.ـية في المنطقة تهـ.ـديدا لأمن تركيا، يحاولون تـ.ـشويه صورة تركيا وتاريخها، يحاولون ثني المستثمرين عن التوجه إلى تركيا، يحاولون إسقـ.ـاط حكومة تركيا ورئيسها… كل ذلك يأتي اليوم بالدرجة الأولى لأن تركيا ترفض صفقة بيع فلسطين والقدس والمسجد الأقصى.
ولكن هل تراجعت تركيا عن موقفها… لا، ولن تتراجع، فهي اليوم من حيث القوة الجيوسياسية أقوى من الدولة العثمانية، وما نجحوا به ضد السلطان عبد الحميد الثاني رحمه الـ.ـله وبعده، لن ينجحوا بتحقيقه اليوم ضد تركيا، فالظروف مغايرة مهما اشتدت شوكة العملاء المنبطحين على أعتاب الأشقر والصهر والأقرع.
الحـ.ـرب على تركيا ومن سيكون في مركبها الرافض لـ”صفقة القرن” ستستعر أكثر وأكثر، ولكن نحن لسنا في موقع الضعف والخنوع، فكما لديهم أوراقا للحرب، بيد تركيا أيضا أوراق كثيرة لا نظنّها إلا رابحة مطيحة بالأعداء والخونة.
إن كان يظن البعض أن المال هو كل شيء، فعلى هذا البعض أن يدرك أن المال ليس كذلك بالنسبة لتركيا حفيدة من رفض المال مقابل تسليم فلسطين للحركة الصهـ.ـيونية، وعلى هذا البعض أن يدرك أن الغالب في نهاية المطاف هو الـ.ـله والمؤمـ.ـنون لا المال والنفط والغاز والنفوذ… فـ”لا غـ.ـالب إلا اللـ.ـه”.
وسوم: العدد 829